Page 94 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 94

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                 ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫المجتمعـات البشـرية نتيجـة عوامـل متعـددة‪ ،‬بعضهـا‬          ‫فالأميـة تُعـد العـدو الحقيقـي للقـوة الشـاملة للدولـة؛‬
‫داخلـي وبعضهـا ناتـج عـن عوامـل خارجيـة‪،‬‬                   ‫اقتصاديـا واجتماعيـا وسياسـيا وثقافيـا‪ ،‬لـذا فيخطـئ‬
‫وبعضهـا يجمـع بيـن المحليـة والإقليميـة والعالميـة‪.‬‬        ‫مـن يتصـور أن الأمـن والأمـان الاجتماعـي يمكـن‬
                                                           ‫أن يتحقـق فـي مجتمـع تـزداد فيـه معـدلات الأميـة‪.‬‬
‫والعنـف سـلوك يـؤدي إلـى عـدم الاسـتق ارر‬
‫الاجتماعـي‪ .‬وعلـي الرغـم مـن قـدم العنـف فـإن‬              ‫ويخطـئ بحـق مـن لا يعتـرف بـأن حصـول‬
‫تحولـه إلـى سـلوكيات وممارسـات متكـررة فـي‬                 ‫المواطـن علـى قسـط مـن التعليـم يؤهلـه للعمـل فـي‬
‫مجتمـع مـن المجتمعـات يمثـل “حـد الخطـر” الـذي‬             ‫المـكان الملائـم والمناسـب لقد ارتـه ودرجـة تعلمـه‬
‫يـؤدي إلـى هـدم أسـس العلاقـات الاجتماعيـة بيـن‬            ‫ونوعيـة تخصصـه ومها ارتـه وخب ارتـه التدريبيـة‪،‬‬
‫البشـر على كافة المسـتويات السياسـية والاقتصادية‬           ‫هـو منحـة مـن الدولـة التـي ينتمـي إليهـا‪ ،‬فهـو أحـد‬
‫والاجتماعيـة والثقافيـة‪ ،‬وهـو مـا ُيفصـح عـن كونـه‬         ‫الحقـوق الأساسـية «كالمـاء والهـواء» التـي يجـب‬

            ‫مشـكلة اجتماعيـة تواجـه المجتمـع‪.‬‬                                                 ‫توفيرهـا لـه‪.‬‬

‫ويمكـن القـول‪ :‬إن العنـف يمثـل أحـد الأنمـاط‬               ‫على الدولة دعم العملية التعليمية بسياسات تؤهل‬
‫السـلوكية الفرديـة أو الجماعيـة التـي تعبـر عـن‬            ‫المواطنيـن علـى الإبـداع والابتـكار والرقـي والتثقـف‬
‫عـدم قبـول الآخـر نتيجـة الشـعور والوعـي بالإحبـاط‬         ‫الحضـاري‪ ،‬وتبنـي قيـم التفكيـر العلمـي والبعـد عـن‬
‫الاجتماعـي‪ ،‬وقـد يكـون العنـف موجهـا إلـى فـرد‬             ‫الخ ارفـات والتمسـك بالقيـم الأخلاقيـة القـادرة علـى‬
‫أو جماعـة أو نظـام‪ ،‬وقـد يأتـي مـن النظـام ضـد‬             ‫حـل مشـكلات المجتمـع ومواجهـة تحديـات العصـر‬
‫أفـ ارد المجتمـع فـي سـبيل تحقيـق عمليـة الضبـط‬
                                                                                      ‫والدفـاع عـن الوطـن‪.‬‬
                                  ‫ا لا جتما ع ـي ‪.‬‬
                                                           ‫إن القضـاء علـى الأميـة هـو إذن واجـب وطنـي‬
‫وللتعبير العدواني عن رفض الآخر تستخدم‬                      ‫يتطلـب سياسـات جـادة ود ارسـات علميـة متخصصـة‬
‫القـوة العضليـة أو الذهنيـة أو كلاهمـا‪ .‬ويمثـل العنـف‬      ‫لدعـم مـا يتعـرض لـه المجتمـع المصـري مـن جهـل‬
‫فعلا أو رد فعل على عنف الآخر الموجه له‪ ،‬على‬                ‫وتطـرف ون ازعـات بـرزت لقلـة الوعـي الاجتماعـي‬
‫أن سـلوك العنـف يأخـذ شـكل الموجـات الصاعـدة‬               ‫بعد فت ارت ثار فيها الشعب المصري على سياسات‬
                                                           ‫خاطئـة ت اركمـت تبعاتهـا حتـي ‪ 25‬مـن ينايـر‬
     ‫والهابطـة مـن الأقـوى إلـى الأضعـف والعكـس‪.‬‬           ‫‪ 2015‬ضـد الجهـل والفقـر والمـرض‪ ،‬ذلـك الثلاثـي‬
                                                           ‫المحـوري فـي تخلـف الأمـة المصريـة التـي كانـت‬
‫إن انتشـار ثقافـة العنـف فـي المجتمـع‬                      ‫تملـك حضـارة ارقيـة فـي فتـ ارت تناسـاها المجتمـع‬
‫المصـري ‪ -‬خاصـة بعـد ثـورة ‪ 25‬ينايـر ‪ -‬لهـو‬                ‫لأزمـان طالـت وكانـت مؤثـرة علـى عـدم شـعور‬
‫دليـل علـى فقـدان المعاييـر الأخلاقيـة وسـيادة حالـة‬       ‫المواطـن بأمنـه‪ ،‬وعـدم تجنـب تحديـات وتهديـدات‬
‫التفـكك الاجتماعـي التـي انتابـت مصـر نتيجـة تاريـخ‬        ‫لأمـن المجتمـع‪ ،‬والتـي كانـت تبعاتهـا كارثـة علـى‬
‫ممتـد مـن النظـم السـابقة التـي شـكلت عوامـل التمـرد‬
‫والثـورة علـى رمـوز النظـام البائـد‪ ،‬وهـو مـا شـجع‬                               ‫الأمـن القومـي المصـري‪.‬‬
‫وسـاعد الفصيـل المدعـو بـ «الإسـامي المتطـرف»‬
‫الـذي اسـتجاب لأجنـدة “الإخـوان المسـلمون»‬                  ‫هــ – العنف وأثره في الأمن القومي المصري‪:‬‬
‫للسـيطرة علـى مفاصـل الدولـة بدعـم مـن دول‬
‫وجماعـات لهـا مـآرب “إخوانيـة» ودول إخـرى تسـعى‬            ‫ُيعـد العنـف مـن أهـم الظواهـر الاجتماعيـة التـي‬
                                                           ‫تتشـكل فـي ظـروف وأوضـاع تمـر بهـا بعـض‬

                                                       ‫‪94‬‬
   89   90   91   92   93   94   95   96   97   98   99