Page 216 - merit 53
P. 216

‫العـدد ‪53‬‬                            ‫‪214‬‬

                               ‫مايو ‪٢٠٢3‬‬                       ‫على الوضع الراهن وإبراز‬
                                                                ‫صورة دولية للتفوق على‬
   ‫الفائزون الزي العسكري‬          ‫تعرض رس ًما لهرقل وهو‬      ‫الدول والأنظمة الإيديولوجية‬
  ‫في المراسم الاحتفالية التي‬      ‫يرفع يده بالتحية الفاشية‬       ‫الأخرى‪ .‬وكان المونديال‬
                                  ‫وعند قدميه كرة‪ .‬لقد كان‬
     ‫ترأسها الدوتشي‪ .‬وقد‬                                           ‫أداة سياسية تستعمل‬
   ‫امتدحت صحيفة لاغازيتا‬           ‫مونديال ‪ ١٩٣٤‬في روما‬      ‫لتلوين الفراغات التي تركتها‬
‫دلو سبورت الإيطالية يومئذ‬        ‫بالنسبة للدوتشي مناسبة‬
 ‫«تفوق الرياضة الفاشية في‬         ‫كبرى للدعاية‪ .‬وقد حضر‬        ‫السلطات الشمولية وإرثها‬
   ‫هذا الفوز العرقي»‪ .‬وقبل‬                                      ‫الثقافي على جدران الهوية‬
   ‫ذلك بقليل كانت الصحافة‬          ‫موسوليني كل المباريات‬      ‫القومية‪ .‬وهذه قراءة‪ ،‬تجعل‬
‫الرسمية الإيطالية قد احتفلت‬        ‫من فوق منصة الشرف‪،‬‬        ‫من كرة القدم‪ ،‬وكأس العالم‬
   ‫بهزيمة المنتخب البرازيلي‪:‬‬      ‫وكان يشمخ بذقنه باتجاه‬        ‫على سبيل التحديد‪ ،‬خطا ًبا‬
   ‫«نحيي فوز إيطاليا الذكية‬         ‫المدرجات الممتلئة بذوي‬
  ‫على قوة الزنوج الهمجية»‪.‬‬         ‫القمصان السوداء‪ ،‬بينما‬         ‫جماهير ًّيا أُعيد هندسته‬
                                ‫لاعبو الفريق الإيطالي الأحد‬   ‫سلطو ًّيا مرا ًرا وتكرا ًرا‪ .‬لكن‬
    ‫هذا الاحتفاء بالفوز على‬    ‫عشر يهدون إليه انتصاراتهم‬       ‫كيف كان ذلك؟ وهل يمكن‬
‫الطريقة الفاشية‪ ،‬يوضح كم‬          ‫براحاتهم المبسوطة عاليًا‪.‬‬    ‫أن تكون كرة القدم أداة في‬
                                ‫ويكمل جاليانو‪ :‬في مونديال‬      ‫صراع السرديات الوطنية؟‬
   ‫كانت كرة القدم منغمسة‬        ‫‪ ،٣٨‬ضمت ألمانيا إلى فريقها‬
    ‫حتى الثمالة في السردية‬        ‫خمسة لاعبين من النمسا‬          ‫ابتدأت البطولة في مهدها‬
 ‫القومية الفاشية العنصرية‪.‬‬                                         ‫الأول باحتفاء حكومي‬
  ‫في المقابل‪ ،‬كانت كرة القدم‬          ‫التي كانت قد ألحقتها‬
  ‫أحيا ًنا استحضا ًرا لوجدان‬         ‫بها للتو‪ .‬ونزل الفريق‬      ‫أوروجواياني سخي أقنع‬
‫مقاوم لإرث تاريخي أضحى‬             ‫الألماني الذي تعزز بهذه‬     ‫الفيفا في اجتماع برشلونة‬
   ‫مسكو ًنا بالهزيمة‪ .‬وكانت‬      ‫الصورة مزه ًوا بأنه فريق‬
 ‫طلقات الكرة كأنها خرق في‬          ‫لا يهزم‪ ،‬واض ًعا الصليب‬       ‫‪ ١٨‬مايو‪ ،١٩٢٩‬بأن يقام‬
‫بنية التاريخ المتماسكة؛ لتعيد‬     ‫المعكوف على صدره وكل‬          ‫أول كأس العالم ‪ ١٩٣٠‬في‬
    ‫بناء سردية جديدة‪ ،‬كرة‬        ‫رموز السلطة النازية‪ .‬وفي‬      ‫الأورجواي‪ .‬وكان من أهم‬
  ‫القدم فيها هي البطل‪ .‬ففي‬      ‫المونديال نفسه‪ ،‬وعقب فوز‬       ‫أسباب الإصرار الكبير على‬
  ‫فاعليات مونديال البرازيل‬           ‫إيطاليا بالكأس‪ ،‬ارتدى‬    ‫استضافة البطولة؛ موافقتها‬
                                                               ‫للذكرى المئوية للاستقلال‬
                                                                ‫عن إسبانيا‪ ،‬ولهذا السبب‬
                                                                ‫سمي الملعب الجديد الذي‬
                                                                ‫سيستضيف المباريات بـ‬

                                                                 ‫‪ Centenario‬أي المئوية‬
                                                               ‫بالإسبانية‪ .‬أي أن البطولة‬

                                                                  ‫ولدت من رحم العلاقة‬
                                                              ‫العميقة بينها وبين السردية‬
                                                              ‫القومية‪ .‬أما في بطولة العالم‬

                                                                 ‫الثانية ‪ ١٩٣٤‬في إيطاليا‪،‬‬
                                                              ‫وكما يقول إدواردو جاليانو‬

                                                                ‫في كتابه البديع كرة القدم‬
                                                                 ‫بين الشمس والظل‪ ،‬فقد‬
                                                                  ‫كانت ملصقات البطولة‬
   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221