Page 218 - merit 53
P. 218

‫العـدد ‪53‬‬           ‫‪216‬‬

                                                    ‫مايو ‪٢٠٢3‬‬      ‫‪١٩٥٠‬؛ عندما ف َقدت الكأس‬
                                                                      ‫على أرضها وأمام ‪٢٠٠‬‬
‫إدواردو جاليانو‬                    ‫لوثيانو بيرنيكي‬
                                                                  ‫ألف متفرج حضروا المباراة‬
  ‫جرت فصولها على العشب‬             ‫‪-‬حتى نهاية ‪ -١٩٨٣‬بتحدي‬        ‫النهائية بينهم والأوروجواي‪،‬‬
    ‫الأخضر‪ ،‬وما اكتنفها من‬            ‫سردية الحكم العسكري‪.‬‬       ‫أرادات البرازيل توديع كل ما‬
 ‫ظروف سياسية‪ ،‬استخدمت‬                                             ‫يمت لهذا التاريخ بصلة‪ ،‬بما‬
   ‫المستديرة أداة سحرية في‬         ‫وللمفارقة كان هذا عكس ما‬
     ‫السردية القومية الأكبر‪،‬‬       ‫يصبو إليه المجلس العسكري‬        ‫فيه ألوان القميص الوطني‪.‬‬
   ‫سكنت الوجدان وأضحت‬                                                 ‫فمنذ ‪ ١٩١٩‬كان المنتخب‬
  ‫تاري ًخا وإر ًثا ثقافيًّا‪ ،‬يجري‬       ‫الحاكم بقيادة خورخي‬
     ‫استلهامه من حين لآخر‬               ‫فيديلا؛ إذ حاول النظام‬     ‫البرازيلي يرتدي ز ًّيا أبيض‬
                                   ‫العسكري استخدام السردية‬         ‫اللون بالكامل‪ .‬لكن الاتحاد‬
     ‫لنرى من خلاله تاري ًخا‬        ‫القومية المضفورة في الحدث‬     ‫قرر بعد «الماراكانازو» تغيير‬
   ‫آخر لقراءة المكون الصلب‬         ‫الكروي الأشهر في الكوكب‪،‬‬         ‫ألوان الفريق لطرق أبواب‬
                                     ‫كاستراتيجية إلهاء وتعمية‬     ‫الحظ وثني ذراع القدر‪ ،‬لهذا‬
       ‫في السرديات القومية‬         ‫على خطاياه‪ .‬لكنه كان اللبنة‬    ‫أعلن عام ‪ ١٩٥٣‬عن مسابقة‬
  ‫والشوفينيات الوطنية‪ .‬فلم‬         ‫الأولى في تداعي سرديته‪ ،‬بل‬    ‫لتصميم زي جديد عبر إعلان‬
                                        ‫ووجوده ذاته بالكامل‪.‬‬        ‫في جريدة صباحية‪ ،‬وكان‬
    ‫يكن الفوز ورفع الكأس‪،‬‬             ‫اختصا ًرا يمكن القول‪ ،‬إن‬      ‫الشرط الوحيد الذي بنيت‬
     ‫مجرد مشاهد غامرة في‬              ‫الطابع المتعدد الجنسيات‬     ‫عليه المسابقة هو أن يتضمن‬
    ‫بطولة رياضية‪ ،‬بل كانت‬                                         ‫الزي الجديد الألوان الأربعة‬
‫علامات يمكن التوقف والبدء‬                 ‫لكأس العالم‪ ،‬يعكس‬       ‫الموجودة في العلم البرازيلي‪،‬‬
‫بها في نسج حديث مطول عن‬            ‫الإمكانيات التي تحملها كرة‬
   ‫سرديات الكرة والسياسة‬            ‫القدم في قدرتها على التعبير‬         ‫أي الأصفر والأخضر‬
    ‫والتاريخ وإعادة هندسة‬          ‫واستكشاف مختلف القوالب‬           ‫والأزرق والأبيض؛ أي أن‬
     ‫الهوية والوعي الجمعي‬           ‫النمطية للوطنية والخطابات‬       ‫العودة للتمسك بالسردية‬
                                                                    ‫الوطنية التي يمثلها العلم‪،‬‬
                                         ‫العرقية‪ .‬فالدراما التي‬   ‫كانت هي الطريق المثالي‪ ،‬من‬
                                                                  ‫وجه نظر الاتحاد البرازيلي‪،‬‬
                                                                  ‫لتجاوز المأساة والعودة من‬

                                                                                      ‫جديد‪.‬‬
                                                                        ‫على الجانب الآخر من‬
                                                                   ‫المنافسة الكروية في أمريكا‬
                                                                        ‫الجنوبية‪ ،‬احتلت كرة‬
                                                                    ‫القدم في الأرجنتين موق ًعا‬
                                                                    ‫نموذجيًّا لتبيان قدرة كرة‬
                                                                  ‫القدم على تم ُّثل سردية الأمة‬
                                                                      ‫والسلطة م ًعا‪ ،‬فقد لعبت‬
                                                                   ‫الحماسة الوطنية الكاسحة‬
                                                                     ‫التي أثارها مونديال ‪،٧٨‬‬
                                                                   ‫على إعادة امتلاك الجماهير‬
                                                                     ‫لقوة جديدة سمحت لهم‬
   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222   223