Page 62 - merit 53
P. 62

‫العـدد ‪53‬‬                           ‫‪60‬‬

                                                                ‫مايو ‪٢٠٢3‬‬

‫السيد التوي‬

‫(تونس)‬

‫ذاك موطنك يا صديقي‬

‫إلى روح صديقي فتحي غماض‬

                  ‫وهي تقف على مصطبة الفصل؟‬                                               ‫أدخ ُل في صم ٍت‬
 ‫هذا الجرح جر ُحي‪ ..‬وذاك الغصن الذي انغرس في‬                         ‫لأض َع باقة على سريره المُبلَّل بال ِّدموع‬
                                                                     ‫بخ َّفة أدخ ُل ولساني يرصف الأدعية‪..‬‬
                          ‫صدري هو ضلع آخر‪.‬‬                     ‫خارج الغرفة هناك رجال مطأطؤو الرؤوس‬
                             ‫ِلن باقة الورد إذن؟‬          ‫ير ِّت ُقون بخيوط من قلق مساف ًة ُمم َّططة بين مساء‬

    ‫اليوم أدرك ُت بعد فصول من ه َو ٍس أ َّن هناك ي ًدا‬                           ‫ينط مثل قط وليل ثقيل‪..‬‬
                         ‫تدير هذا المسرح الكبير؟‬             ‫لم أسأ ْل أح ًدا منهم عن رجل يشرب قهوته مع‬
                          ‫سأرفع يد َّي إلى السماء‬             ‫الملائكة وينام على صدرها حين ير َشح كأسه‬

    ‫وأضع عقلي المُتطاوس فريسة للرياح الشرقيَّة‪..‬‬                                ‫بكلمات طاهرة كنب ٍع ب ِّر ٍّي‬
 ‫تلك المهجة التي كلَّما هجمت على صدري‪ ،‬أف ُّر منها‬                                           ‫في فمي ثل ٌج‬

                        ‫وأقفز مثل غزال مذعور‪..‬‬                 ‫وبين ضلوعي نو ٌر من دهشة الخلق الأولى‪..‬‬
                 ‫تلك المهجة هي ملاذ وظفر ونجاة‬              ‫لم أسأل أح ًدا منهم عن فحوى الليل أو عن تلك‬
‫سأواصل الدعاء فإفريز الباب وصورة الطفل ْين على‬
 ‫الجدار‪ ،‬والأمنيات المزدحمة في الغرفة‪ ،‬تدير أحدا َق‬                         ‫الممرضة ويديها الحريريت ْين‪..‬‬
   ‫عيونها كطيور مهاجرة وسط عاصف ٍة قد بس َطت‬                                     ‫قبَّلت جباههم فر ًدا فر ًدا‬

                                ‫جناح ْيها لتمط َر‪.‬‬       ‫وطلبت منهم أن يصعدوا على كتف َّي ليقطفوا نجو ًما‬
        ‫كن َت تح ُّب المطر يا فتحي وأغاني الفلاحين‬                                 ‫عالقة في سقف الغرفة‬
    ‫كنت تحب ركض السيول على الأرض وهمهات‬                                                              ‫‪...‬‬

                         ‫العشب إذ تنتطح الغيوم‬                ‫الماضي ف ْهد الأزمنة الثلاث يقرفص في قلبي‪..‬‬
                    ‫***‬                                   ‫هل تذ َّكر َت كرة الثلج التي دحرجناها معا وحبَّات‬

                         ‫لا فائدة من الغياب الآن‬                            ‫اللوز التي سقطت على رأس ْينا‬
‫وأن َت تقيم تحت الأرض كبذرة ُمتو ِّثبة لعناق الضوء‬      ‫ون َّوار العشي الذي أهديناه لمد ِّرسة تثرثر مثل نحلة‬
   57   58   59   60   61   62   63   64   65   66   67