Page 24 - kitab aliaslamiat althaalith mutawasit
P. 24

‫وﻗد ﻗيﻞ ﻷحد أﺋمة العلم‪) :‬ما بالنا ﻧدعو ﻓﻼ ُيستﺠاب لنا ؟ ﻗال ‪:‬‬
‫ﻷﻧﻜم عرﻓتم الله ﻓلم تطيعوﻩ‪ ،‬وعرﻓتم الرسول ﻓلم ت ّتبعوا ُس ّنته ‪ ،‬وعرﻓتم‬
‫الﻘرآن ﻓلم تعملوا به‪ ،‬وأﻛلتم ِﻧعم الله ﻓلم تﺆ ّدوا ﺷﻜرها ‪ ،‬وعرﻓتم الﺠنة‬
‫ﻓلم تطلبوها‪ ،‬وعرﻓتم النار ﻓلم تهربوا منها‪ ،‬وعرﻓتم الﺸيطان ﻓلم تحاربوﻩ‬
‫وواﻓﻘتموﻩ ‪ ،‬وعرﻓتم الموت ﻓلم تستع ّدوا له ‪ ،‬ودﻓنتم اﻷموات ﻓلم تعتبروا‪،‬‬

                          ‫وترﻛتم عيوبﻜم واﺷتﻐلتم بعيوب الناس(‪.‬‬

‫يتﻀﺢ مما تﻘدم أن معﺼية الله ورسوله )‪ (¢U‬وعدم اتباع أوامرﻩ وﻧواهيه‬
                     ‫وأﻛﻞ الحرام تﻜون سببا ﻓي عدم استﺠابة الدعاء‪.‬‬

‫وﻗد يﻜون الداعي مﺆمنا ومﺨلﺼا و يدعـو الله تعالﻰ ﻓﻼ يﺠاب ‪ ،‬ﻓيﻜرر‬

‫الدعاء‪ ،‬ويبالﻎ ﻓيه ‪ ،‬وتطول المدة ‪ ،‬ﻓﻼ يرى أﺛ ًرا لﻺجابة ‪ ،‬ﻓيﺠد الﺸيطان‬
‫مدخﻼ إلﻰ ﻗلبه‪ ،‬ﻓيبدأ بالوسوسة له‪ ،‬ويﺠعله يسيء الﻈن بر ّبه ‪ ،‬ويعترض‬
‫علﻰ حﻜمته‪ .‬ﻓينبﻐي لمن وﻗعﺖ له هذﻩ الحال أﻻ يستسلم للﺸيطان ؛ ذلﻚ‬

‫أن تأخر اﻹجابة مﻊ اﻹخﻼص ﻓي الدعاء إﻧما ﻓيه حﻜم باهـرة‪ ،‬وأسرار خﻔية‪،‬‬
‫لو تدبرها الداعي لما تﻀ ﱠﺠرأو ي ِﺌﺲ من تأخر اﻹجابة‪ ،.‬إذ ﻗد تتﺸوق ﻷمر‬
‫وتدعـو الله بﺸدة لتحﻘيﻘه وﻓي حﻘيﻘة اﻷمر َأن ماتطلبه هو ﺷ ّر لﻚ ور ّبـﻚ‬
‫الرحيم العليم يريد بﻚ الﺨير ﻓلم يستﺠب للدعاء لﺼالحﻚ ولله سبحاﻧه‬

‫وتعالﻰ الحﻜمة البالﻐة ﻓﻼ يعطي وﻻ يمنﻊ إﻻ لحﻜمة‪ ،‬ﻓعليﻚ الرﺿا بﻘﻀاء‬

                                                   ‫الله ﻗال تعالﻰ ‪:‬‬

‫ﱫ' ( ) * ‪ = /. - , +‬ﱪ البﻘرة‪ 21٦ :‬لذلﻚ‬
‫يستحب ﻓي الدعاء أن تطلب من الله تعالﻰ أن يﺨتار لﻚ ماهو خير لﻚ ﻓي‬

‫دينﻚ ودﻧياك وعاﻗبة أمرك ؛ ﻓاختيار الله لعبدﻩ خير من اختيار العبد لنﻔسه‪،‬‬

                      ‫ﻓهو سبحاﻧه أرحم بعبادﻩ من أﻧﻔسهم وأمهاتهم ‪.‬‬
‫إ ّن ﺛمرة الدعاء مﻀموﻧة ولو لم ت َر اﻹجابة بعينيﻚ ﻓعدم إجابة الدعاء أو‬

  ‫تأخيرها له أسباب ‪ ،‬و ِح َﻜم ﻛﺜيرة‪ ،‬ﻓعلﻰ العبد أن ﻻ يتـرك الدعاء ‪ ،‬ﻓﺈﻧه‬

                                     ‫لن يعــدم من الدعاء خير ًا ‪.‬‬

  ‫‪2٣‬‬
   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29