Page 19 - موجز_البحوث_والدراسات_والأوراق_العلمية_بعد_تعديل_المستشار27_
P. 19
القضاء الإلكتروني "نحو القاضي الإلكتروني"
الجوانب الإجرائية والموضوعية في القضاء الإلكتروني
ـــــــــــــــ
حسين إبراهيم خليل
في ظل الجيل الرابع من العولمة ،أو الثورة الصناعية الرابعة ،لم تعد الحاسبات -في عصر التكنولوجيا-
وسيلة للطباعة أو الاتصال وتبادل المعلومات والحصول عليها فقط ،كما كانت في الماضي ،بل أصبحت وسيلة
مهمة للاتصال الفوري للتعامل وإبرام العقود والتقاضي؛ سواء بصفة تابعة أو بصفة أصيلة ،دون عناء أو ضياع
للوقت أو حتى تكلفة مادية؛ مما جعلها تلقى القبول من الجميع ،وهو إفراز طبيعي للتطورات السريعة والمستجدات
في عالم تكنولوجيا المعلومات والثورة الرقمية ،التي أدت إلى تدخل الوسائل الإلكترونية ،وبسرعة هائلة ،في شتى
مناحي الحياة المختلفة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتجارية وغيرها ،وبات ضروريًا تسخير تلك التطورات
والمستجدات لتحقيق سرعة التقاضي وجودته ،بمعنى الوصول إلى العدالة في أقل وقتٍ وجهدٍ وتكلفة ،بالاتجاه
نحو استخدام وسائل إلكترونية حديثة لتحل محل القاضي البشري ،وهو القاضي الإلكتروني ،أو بحلول هذه
الوسائل محل الإجراءات التقليدية ،وهو ما يعرف بإلكترونية القضاء.
ومن ثَم ،يوضح الباحث أنه إذا كان التقاضي الإلكتروني عبارة عن "سلطة لمجموعة متخصصة من القضاة
النظاميين بالنظر في الدعاوى ،ومباشرة الإجراءات القضائية بوسائل إلكترونية مستحدثة ،ضمن نظام قضائي
معلوماتي متكامل الأطراف والوسائل" ،فإن القضاء الإلكتروني (فكرة القاضي الإلكتروني) هي الاعتماد على جهاز
الحاسوب كقاضٍ لفض النزاع؛ فالقضاء الإلكتروني يُعد خطوة تالية للاستعانة بالوسائل الإلكترونية في الدور
المعاون للقضاء.
وإذا كان الفقه قد تعرض للتقاضي الإلكتروني ،بيد أن فكرة القضاء الإلكتروني بما تعني حلول الحاسب
الآلي (الربورت) محل القاضي البشري لم تأخذ من عناية الفقه القدر الكافي ،ومن ثَم يجب أن تأخذ حقها من
البحث القانوني الدائم ،حتى يمكن أن يكون له أثر في المستقبل ،ولكي يستطيع متخذي القرار بناء المنظومة
الجديدة على أسس علمية ،ولا شك في أن ذلك سيؤدي إلى القضاء على بطء التقاضي ،الذي يُعد من أهم أسباب
بطء العدالة ذاتها.
كما تبرز أهمية الموضوع في أنه يلقي الضوء على آلية حديثة لإنجاز العمل القضائي ،ومن ثم وجب
التقرب منه ،وننضم إلى الفقهاء الذين أدلوا بدلوهم في هذا المضمار ،لا سيما وأن فكرة القاضي الإلكتروني
لإتاحتها لا بد أن تتوافر عدة مقومات للأخذ بها ،كالاعتماد على قواعد البيانات كمفترض أساسي ،لكونها تمثل
أسس القانون الموضوعي والإجرائي التي يتعين الالتزام بأحكامهما في إصدار الأحكام القضائية بواسطة القاضي
الإلكتروني ،كذلك دور الأنظمة المؤتمتة أو أنظمة الذكاء الاصطناعي التي من خلالها وتفاعلها المتبادل بينها
وبين قواعد البيانات يمكن الوصول إلى الحكم القضائي في المسألة المعروضة على القاضي الإلكتروني.
18 | P a g e