Page 88 - لماذا
P. 88
لماذا؟
هذا الحب الذي يكنه لها فإنه كان يستبيح فراقها بالأسابيع وأحيا ًنا بالشهور
بحجة انشغالات الحياة ،حجج قد تبدو واهية ولكنها قررت تصديقه حتى ترسو
هذه العلاقة إلى ميناء ما في يوم ما في بلد ما ..ولكن دون جدوى ،وهنا أدركت أنه
قرر الرحيل ،ولكنه يأبى أن يواجها بهذا القرار حتى لا يجرح مشاعرها ..كيف لا
وهو من قرر البوح بحبه في بادئ الأمر ،وعندما عزمت الاختفاء من حياته كما
بادر هو كانت المفاجأة ..قرر العودة من جديد ،قرر الظهور فجأة عندما قررت أن
تنساه للأبد ،قرر تعكير صفو حياتها من جديد حينما قررت أن تنعم ببعض
الصفاء في حياة زادها اعترافه بحبه لها أل ًما وتخب ًطا ،وعندما عاد اعتكفت هذه
العلاقة بمرحلة الرمادي ..مرحلة أنه لا يريد التخلي عنها ولكن يخش ى فقدانها إذا
اقترب ،يعلم في قرارة نفسه أنه يحبها ولكن لن يستطيع إسعادها والحفاظ على
شعلة الحياة في عينيها موقدة ،يعلم أن أولوياتهما ليست واحدة وأن ظروفهما
ليست متكافئة ولكن لا يدري هل التضحية التي سيبذلها من أجلها كافية.
عندما قص عل ّي صديقي حاله وروى لي ما يمر به في يومه من مشاعر متضاربة
بين ما يريد وما يستطيع أن يبذله وما بين ما يخشاه شعرت بالأس ى تجاهه ..لماذا؟
لأنه تغلبه مشاعر الخوف من الفقد ،يخش ى أن يفقدها الآن وأن يظل طوال
حياته آس ًفا وناد ًما على قرار الرحيل ..هو أعلن ولاءه وحبه لها ،ولكن في الواقع
أفعاله عكس ما تفوه به فوه لها ..قراره بالرحيل بالشهور والسنين كفيل أن يضع
ح ًّدا لهذه المهزلة والسخرية من مشاعر الطرف الآخر ،ولكن خوفه كان أكبر..
إيناس عبدالله | لماذا لا نكون أوفياء للرحيل؟ 87