Page 90 - الملكية الفكرية العدد الثاني17-8-2025
P. 90

‫مجلة ثقافة الملكية الفكرية ‪ -‬العدد الثاني‬

‫بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وعلى أرسـهم شـركات‬         ‫فـي تاريـخ المفاوضـات‪ ،‬وذلـك تحـت تأثيـر الضغـوط‬
‫الأدويـة بهـا علـى مسـار مفاوضـات اتفاقيـة التربـس‪،‬‬          ‫التـي مارسـتها الولايـات المتحـدة‪ .‬وقـد أسـفرت هـذه‬
‫علـى النحـو الـذي دفعهـا لخدمـة مصالحهـا دون الأخـذ‬          ‫المفاوضـات فـي نهايـة الجولـة عـن التوصـل إلـى اتفاقيـة‬

       ‫فـي الاعتبـار ظـروف وأوضـاع الـدول الناميـة‪.‬‬                                        ‫التربـس المـار ذكرهـا‪.‬‬

‫ولعـل التسـاؤل الـذي يثـور فـي الأذهـان هـل اتفاقيـة‬         ‫وقـد ابرمـت الاتفاقيـة العامـة للتعريفـات والتجـارة]‬
‫التربـس أداة لحمايـة التكنولوجيـا أم لاحتكارهـا؟ ‪...‬‬         ‫الجـات[ فـي مدينـة جنيـف عـام ‪1947‬م؛ بهـدف إ ازلـة‬
                                                             ‫والتخفيـف مـن الحواجـز الجمركيـة التـي تعـوق تدفـق‬
         ‫وللإجابـة عـن هـذا التسـاؤل نوضـح الآتـي‪:‬‬           ‫السـلع بيـن الـدول أطـ ارف الاتفاقيـة‪ .‬ولـم يبـدأ اهتمـام‬
                                                             ‫الجـات بحقـوق الملكيـة الفكريـة إلا فـي الجولـة الثامنـة‬
‫	•إن ‪ %75‬مـن ‪ %90‬مـن إجمالـي البـ ارءات المسـجلة‬             ‫للمفاوضـات متعـددة الأطـ ارف وهـي جولـة أورجـواي‬
     ‫فـي الـدول الناميـة تخـص الشـركات الأجنبيـة‪.‬‬            ‫المشـار إليهـا‪ ،‬وقـد أسـفرت هـذه المفاوضـات عـن إبـ ارم‬
                                                             ‫‪ 28‬اتفاقيـة دوليـة تضمنتهـا الوثيقـة الختاميـة لنتائـج‬
‫	•إن حـق الترخيـص الإجبـاري ‪compulsory‬‬
‫‪ licensing‬المنصـوص عليـه فـي اتفاقيـة التربـس‪،‬‬                      ‫جولـة أورجـواي مـن أهمهـا اتفاقيـة التربـس‪.90‬‬
‫والـذي يقصـد بـه أن للدولـة الحـق فـي أن تمنـح‬
‫الترخيـص بإنتـاج منتـج مـا لإحـدى الشـركات‬                   ‫وقـد تـم التوقيـع علـى اتفاقيـة التربـس فـي غضـون عـام‬
‫الوطنيـة‪ ،‬وذلـك مـا دامـت فـي حاجـة إلـى هـذا المنتج‬         ‫‪1994‬م‪ ،‬ودخلـت حيـز النفـاذ بالنسـبة للـدول المتقدمـة‬
‫لمواجهـة احتياجـات وطنيـة ملحـة يصعـب تلبيتهـا‬               ‫فـي الأول مـن ينايـر عـام ‪1996‬م – أي بعـد سـنة‬
‫مـن خـال الاحتـكا ارت والأسـعار التـي تفرضهـا‬                ‫مـن دخـول اتفاقيـة المنظمـة العالميـة للتجـارة ‪WTO‬‬
‫الشـركات العالميـة الكبـرى صاحبـة البـ ارءة‪ .‬بيـد‬            ‫حيـز النفـاذ فـي الأول مـن ينايـر عـام ‪1995‬م‪ ،‬وبالنسـبة‬
‫أنـه فـي حقيقـة الأمـر هـذا الحـق بشـكل كبيـر غيـر‬           ‫للـدول الناميـة اعتبـاًار مـن الأول مـن ينايـر عـام ‪2000‬م‪،‬‬
                                                             ‫مـع منـح مـدة سـماح تنتهـي فـي الأول مـن ينايـر عـام‬
                                   ‫معمـول بـه‪.‬‬               ‫‪2005‬م‪ ،‬وبالنسـبة للـدول الأقـل نمـًوا فـي الأول مـن‬

‫	•والدليـل علـى ذلـك‪ ،‬أن جنـوب إفريقيـا المنتشـر‬                                            ‫ينايـر عـام ‪2006‬م‪.‬‬
‫فيهـا داء السـيدا ]فيـروس نقـص المناعـة البشـرى أو‬
‫اختصـاًار “‪ [”HIV‬حاولـت إعمـال حـق الترخيـص‬                  ‫وبحسـب أهـداف اتفاقيـة التربـس فـإن هـذه الاتفاقيـة‬
‫الإجبـاري؛ إذ أن سـعر عبـوة دواء الإيـدز يسـاوي‬              ‫تسـعى لأن تكـون عامـ ًا مسـاعًدا علـى تنميـة الـدول‬
‫‪ 18‬دولار أمريكـي‪ ،‬بينمـا تتكلـف لـدى تصنيعهـا‬                ‫الناميـة لا عامـل تأخـر تكنولوجـي لهـا‪ .‬بيـد أن البـادي أن‬
‫محلًيـا فقـط ‪ 3/1‬دولار‪ ،‬ولكـن لقيـت معارضـة‬                  ‫اتفاقيـة التربـس جـاءت بالأسـاس لت ارعـي البعـد التجـاري‬
‫كبيـرة فـي حيـن كان عـدد الوفيـات بـداء السـيدا يزيـد‬        ‫لواضعـي هـذه الاتفاقيـة‪ ،‬بحيـث سـيطرت الـدول الكبـرى‬

                                  ‫بالملايي ـن ‪.91‬‬            ‫	‪90 -‬انظــر‪ :‬دكتــور‪ .‬حســام الديــن عبــد الغنــي الصغيــر‪،‬‬
                                                             ‫أســس ومبــادئ اتفاقيــة الجوانــب المتصلــة بالتجــارة مــن‬
‫	•وكمثـال آخـر‪ :‬يعانـي الأطفـال فـي شـرق آسـيا‬               ‫حقـوق الملكيـة الفكريـة‪) ،‬اتفاقيـة التربـس( دراسـة تحليليـة‬
‫مـن نقـص فيتامـن “أ”؛ حيـث يوجـد نحـو مليـون‬                 ‫تشــمل أوضــاع الــدول الناميــة مــع الاهتمــام ببــراءات‬
‫طفـل يعانـون مـن نقـص هـذا الفيتامـن‪ ،‬فتمكـن عالـم‬           ‫الاختــراع‪ ،‬الطبعــة الأولــى‪ ،‬دار النهضــة العربيــة‪ ،‬عــام‬

‫‪91‬انظــر‪ :‬أ‪ .‬عبــد الســام مخلوقــي‪ ،‬مرجــع ســابق‪ ،‬ص ‪125‬‬                                ‫‪ ،1999‬القاهــرة‪ ،‬ص ‪.24‬‬
                                               ‫ومـا بعدهـا‪.‬‬

                                                                                                                           ‫‪90‬‬
   85   86   87   88   89   90   91   92   93   94   95