Page 19 - تنوير 4-8
P. 19

‫لجنة الفلسفة وعلم الإجتماع والأنثروبولوجيا ‪ -‬المجلس الأعلى للثقافة‬

‫النظــام السياســي‪ :‬هـو طريقـة إدارة الدولـة‪ ،‬وبالتالـي إلـى إقامـة التـوازن بيـن السـلطة والحريـة فـي المجتمـع‪،‬‬

‫فبهـذا التـوازن تسـتقيم الأمـور ويسـتقر النظـام‪ .‬ذلـك لأنـه‬                  ‫فهـو يمكـن تغييـره بعكـس الدولـة‪.‬‬

‫يمنـع الصـ ارع بيـن طبقتـي الحـكام والمحكوميـن‪ .‬فالحـكام –‬                   ‫الحكومـة‪ :‬هـى الجهـاز التنفيـذي فـي النظـام السياسـي‪.‬‬
‫فـي كل حيـن – ينشـدون مزيـًدا مـن السـلطة‪ ،‬والمحكومـون‬                       ‫فـا يكفـي لنشـأة الدولـة وقيامهـا وجـود شـعب يسـكن إقلي ًمـا‬
                                                                             ‫معيًنـا‪ ،‬وإنمـا يجـب أن توجـد هيئـة حاكمـة تكـون مهمتهـا‬
     ‫– علـى النقيـض – يسـعون إلـى مزيـد مـن الحريـة‪.‬‬                         ‫الإشـ ارف علـى الإقليـم ومـن يقيمـون عليـه (الشـعب)‪.‬‬

  ‫‪ -6‬لا توجد ديمق ارطية واحدة‪ ..‬وإنما ديمق ارطيات‪:‬‬

‫ما أقّره الإعلان العالمي‬  ‫لحقيوتمقت ُعالإنك ُّلسـا إننس–انبم‪-‬جمووفع ٍقة‬      ‫وتمـارس الحكومـة سـلطتها وسـيادتها باسـم الدولـة بحيـث‬
‫من الحقوق الاجتماعية‬                                                         ‫تصبـح قـادرة علـى إلـ ازم الأفـ ارد باحتـ ارم قوانينهـا وتحافـظ‬
                                                                             ‫علـى وجودهـا‪ ،‬وتمـارس وظائفهـا لتحقيـق أهدافهـا‪ .‬مفهـوم‬
‫والسياسـية والاقتصاديـة‪ ..‬إلـخ داخـل المجتمـع الـذي‬                          ‫الدولـة إذن أكثـر اتسـا ًعا مـن الحكومـة‪ ،‬والدولـة كيـان أكثـر‬
                                                                             ‫ديمومـة (اسـتم اررية) مقارنـة بالحكومـة المؤقتـة بطبيعتهـا‪،‬‬
‫يعيش فيه‪ ،‬وُي َعد احت ارم مثل هذه الحقوق وصيانتها‬                            ‫كمـا أن الدولـة تتصـف بالبقـاء فـي حيـن أن النظـام يتعـرض‬
‫أولى المقومات الرئيسية التي تستند إليها الديمق ارطية‪.‬‬
                                                                                                               ‫للتغييـر أو التعديـل‪.‬‬
‫والديمق ارطيـة طريقـة فـي الحكـم؛ يمـارس فيهـا الشـعب‬
‫السـلطة مـن خـال انتخابـه لممثليـه فـي البرلمـان باقتـ ارع‬                   ‫ظهـرت فكـرة الدسـاتير فـي الدولـة المدنيـة الحديثـة‬
‫حـر مباشـر‪ ،‬سـري عـادًة‪ ،‬يشـارك فيـه جميـع المواطنيـن‬                        ‫حيـث اقتضـت الحاجـة تحقيـق التـوازن بيـن السـلطات فـي‬
‫البالغيـن سـ َّن الرشـد‪ .‬وهـذه هـى الديمق ارطيـة السياسـية‪ ،‬أمـا‬             ‫الدولـة (السـلطة التشـريعية‪ ،‬والسـلطة التنفيذيـة‪ ،‬والسـلطة‬
‫الديمق ارطيـة بمفهومهـا الاجتماعـي فتقـوم علـى مبـدأ تكافـؤ‬                  ‫القضائيـة)‪ ،‬وتنظيـم العلاقـة بيـن هـذه السـلطات الثـاث بمـا‬
‫الفـرص أمـام المواطنيـن علـى قـدم المسـاواة‪ ،‬وتسـعى إلـى‬
‫تحقيـق العدالـة الاجتماعيـة بينهـم دون تمييـز أو تفرقـة‪.‬‬                                     ‫يحـول دون طغيـان سـلطة علـى أخـرى‪.‬‬
                                                                             ‫وللحكم على اتصاف أي نظام بأنه نظام «ديمق ارطي»‬
‫توجـد بعـض المعوقـات التـي تعتـرض سـبيل‬                                      ‫أم لا‪ ..‬علينا أن ننظر هل يتحلى ذلك النظام بالخصائص‬
‫تحقيـق الديمق ارطيـة فـي أي مجتمـع مـن المجتمعـات‪،‬‬
‫ومـن أمثلـة هـذه المعوقـات‪ :‬الفقـر‪ ،‬والأميـة‪ ،‬والتطـرف‬                                                                ‫الآتية أم لا‪:‬‬
‫الفكـري‪ ،‬وضعـف القـوى السياسـية المحليـة‪ ،‬وتدنـي‬
‫المشـاركة الاجتماعيـة‪ .‬فـا شـك أن الفقـر يؤثـر سـلًبا فـي‬                    ‫احتـ ارم حقـوق الإنسـان‪ ،‬التعدديـة السياسـية‪ ،‬التـداول‬
‫مسيرة تحقيق الديمق ارطية بالمجتمع‪ ،‬حيث إن الضائقة‬                            ‫الســلمي للســلطة‪ ،‬المســاواة السياســية‪ ،‬احتــ ارم مبــدأ‬

                                                                                                  ‫الأغلبيــة‪ ،‬ســيادة دولــة القانــون‪.‬‬

‫المالية التي يتعرض لها الفرد‪ ،‬وضعف قدرته على‬                                    ‫إذا كان يتحلى بهذه الصفات فهو نظام ديمق ارطي‪.‬‬
‫تلبيـة احتياجاتـه الرئيسـية‪ ،‬وإشـباع مطالبـه تجعـل‬
‫تركيـزه منصرًفـا فـي البحـث عـن مصـادر للدخـل‬                                ‫ويمثـل الدسـتور فـي الدولـة قمـة البنـاء القانونـي فيهـا‪،‬‬
‫بصـرف النظـر عـن أي اعتبـار آخـر‪ .‬هـذا فضـا عـن‬                              ‫إذ يجـب أن تأتـي القواعـد القانونيـة التاليـة لـه متفقـة معـه‬
‫أن ضيـق ذات يـد المواطـن وعـوزه يسـاهم فـي انتشـار مـا‬                       ‫لا تخالـف نصوصـه‪ ،‬ولا تعـارض أحكامـه‪ ،‬وإلا أصبحـت‬
                                                                             ‫غيـر دسـتورية‪ ،‬وهـو بهـذه المثابـة يعتبـر إطـاًار حاك ًمـا‬
 ‫ُي ْعـَرف بظاهـرة «شـ ارء الأصـوات» فـي أيـة انتخابـات‪.‬‬                     ‫للحيـاة السياسـية والقانونيـة فـي الدولـة‪ .‬ويهـدف الدسـتور‬

                                                                         ‫‪19‬‬
   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23   24