Page 115 - merit mag 36- dec 2021
P. 115

‫‪113‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

   ‫محتمل لا يجد نفسه بينهما؟!‬            ‫ودورها منذ القدم؛ وذلك‬              ‫الأمريكية أتت بجو بايدن‬
        ‫وفي سبيل بناء «النموذج‬       ‫منذ صعود الموجة الحضارية‬           ‫وصححت مسار الامبراطورية‬

     ‫المعرفي» الذي تفترضه هذه‬           ‫الأوروبية الثالثة فيما بعد‬        ‫الأمريكية الليبرالية‪ ،‬وأعادت‬
   ‫الدراسة؛ سوف تتبع خلفيات‬         ‫العصور الوسطى التي هيمنت‬          ‫«الديمقراطيين» وحزبهم الأقرب‬
  ‫اتفاقية أوكوس وظهورها‪ ،‬وما‬        ‫عليها القبائل الجرمانية سكان‬      ‫للإصلاحية والحريات والانفتاح‬
‫صاحبها من ردود فعل على كافة‬
  ‫المستويات‪ ،‬مقدمة قراءة ثقافية‬         ‫شمال أوروبا (بعد الموجة‬         ‫والبعد الاجتماعي‪ ،‬وأن دونالد‬
 ‫لعوامل ظهورها وآثارها ترصد‬             ‫الأولى اليونانية قبل الميلاد‬   ‫ترامب والتناقضات والشعارات‬
    ‫حضور «الذهنية الجرمانية»‪،‬‬        ‫والثانية الرومانية في القرون‬
                                        ‫الميلادية الأولى)‪ ،‬وأن هذه‬        ‫اليمينية المتطرفة التي فجرها‬
        ‫وتؤكد على أزمة «المسألة‬         ‫الثقافة الجرمانية بذهنيتها‬                   ‫ذهبت بلا رجعة‪.‬‬
     ‫الأوروبية» وتحول سماتها‬      ‫الكامنة تفجرت ووصلت قدرتها‬
  ‫الثقافية إلى «متلازمات ثقافية»‬    ‫على الحفاظ على تناقضاتها إلى‬         ‫من ثم في هذه الدراسة سوف‬
      ‫(‪)Cultural Syndromes‬‬                                             ‫أطرح فرضية تؤكد على فرضية‬
   ‫عنصرية تستعصي على الحل‪.‬‬                               ‫الصفر‪.‬‬         ‫الدراسة السابقة؛ وهي فرضية‬
 ‫واتبعت الدراسة المنهج التحليلي‬      ‫وأنه لا الليبرالية الديمقراطية‬    ‫أن «المسألة الأوربية» و»الذهنية‬
      ‫النقدي الثقافي‪ ،‬الذي يقوم‬   ‫الإصلاحية ذات البعد الاجتماعي‬         ‫الجرمانية» المتطرفة العنصرية‬
   ‫على رصد العوامل والمحددات‬       ‫والفكر المنفتح على قبول الجديد‬
    ‫الخفية الكامنة وراء الظواهر‬    ‫والمتعدد الثقافي والاجتماعي مع‬          ‫التي تقف خلفها لها الولاية‬
   ‫السياسية والثقافية‪ ،‬ومقاربة‬       ‫بايدن ستكبح جماح «الذهنية‬         ‫والهيمنة الكامنة والمضمرة‪ ،‬على‬
     ‫مناهج الدراسات المستقبلية‬    ‫الجرمانية» المتطرفة الكامنة‪ ،‬ولا‬    ‫كافة الأشكال السياسية العليا في‬
‫و»بناء الأنماط» ورصد مساراتها‬        ‫الليبرالية الجمهورية اليمينية‬     ‫الدول الغربية‪ /‬الأوروبية وعلى‬
   ‫التاريخية والآنية ومشغلاتها‪،‬‬
   ‫وصو ًل لبناء شكل استشرافي‬              ‫المتحفظة الأقرب للتقاليد‬       ‫رأسها أمريكا‪ ،‬وأن الجرمانية‬
  ‫لهذه الأنماط والظواهر الثقافية‬    ‫الاجتماعية الموروثة والمتطرفة‬         ‫والمسألة الأوروبية تعلن عن‬
                                    ‫في عنصريتها مع ترامب كانت‬
                   ‫والحضارية‪.‬‬                                               ‫نفسها بشدة أي ًضا في عهد‬
      ‫وتأتي الدراسة في مبحثين‬                       ‫صدفة عابرة‪.‬‬         ‫جو بايدن الرئيس الديمقراطي‬
      ‫هما؛ المبحث الأول‪ :‬الذهنية‬     ‫كما ستختبر الدراسة فرضية‬
   ‫الجرمانية وحضورها في عهد‬           ‫استشرافية أخرى ترى فيها‬                       ‫الأمريكي الجديد‪.‬‬
    ‫بايدن‪ ،‬وشمل ثلاثة عناصر‪،‬‬         ‫الأهمية الشديدة؛ وهي البحث‬         ‫حيث ستبحث هذه الدراسة في‬
  ‫هي‪ :‬الذهنية الجرمانية وأثرها‬      ‫في مآلات «المشترك المجتمعي»‬          ‫تقديم الدليل والشواهد وتتبع‬
   ‫في الموجة الحضارية الأوربية‬       ‫وتصدعه بين فلسفات المتون‬            ‫«الأنماط الثقافية» (‪Cultural‬‬
  ‫الحالية‪ ،‬تفكك مستودع الهوية‬        ‫الجرمانية الحاكمة وفلسفات‬
       ‫الجرماني‪ :‬المكون الأنجلو‬     ‫هوامشها العاجزة‪ ،‬مطبقة ذلك‬             ‫‪ ،)Patterns‬التي تؤكد على‬
     ‫ساكسوني‪ ،‬استمرار النمط‬                                               ‫مرجعية «الذهنية الجرمانية»‬
     ‫الأنجلو ساكسوني‪ :‬اتفاقية‬          ‫على فلسفات ما بعد الحداثة‬       ‫وتفجر تناقضاتها وسريانها في‬
       ‫أوكوس وبايدن‪ ،‬والمبحث‬      ‫والتعايش أو «إدارة التناقضات»‬         ‫فترة حكم جو بايدن‪ ،‬وساعية‬
   ‫الثاني بعنوان‪ :‬ما بعد الحداثة‬  ‫بين المتون الجرمانية وهوامشها‪،‬‬       ‫للتأكيد على أن فرضية الدراسة‬
  ‫والذهنية الجرمانية والتصحيح‬                                              ‫السابقة صالحة للتفسير في‬
‫الحضاري‪ ،‬وشمل ثلاثة عناصر‪،‬‬               ‫وهل هناك مؤشرات تدل‬
                                      ‫على قرب حدوث صدام كبير‬                ‫اللحظة الراهنة مع صعود‬
                                      ‫بين فلسفات المتون الحاكمة‬        ‫الديمقراطيين لسدة الحكم‪ ،‬وأن‬
                                   ‫وفلسفات الهوامش العاجزة‪ ،‬في‬         ‫«الذهنية الجرمانية» هي الثقافة‬
                                     ‫ظل تدافع شعبي وجماهيري‬           ‫العليا الحاكمة للنموذج الأوربي‪/‬‬

                                                                              ‫الغربي ومعظم تمثلاته‪.‬‬
                                                                         ‫مع الوضع في الاعتبار تاريخ‬
                                                                        ‫«الذهنية الجرمانية» وجذورها‬
   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119   120