Page 110 - merit mag 36- dec 2021
P. 110
العـدد 36 108
ديسمبر ٢٠٢1
في النحو والصرف فقط ،وإنما في كتابة موضوعات فيمكنني أن أشبهه بالدالة الدرجيّة ،بمعنى أن
التعبير التي أندم ح ًّقا أنني لم أحتفظ بأ ّي شيء كل مرحلة تالية لم تكن بالضرورة ذات صلة بما
قبلها أو نتيجة لها .لكن منذ أن أمسكتني القصيدة
منها .لكن لأن الأمر كان أسبق من هذا بكثير ،فإن عصاها السحرية تغيّر الأمر ليصبح ليس محسو ًبا
أول ما يمكن اعتباره محاولة شعريه كان إهدا ًء بهذه الدقة ،بل غير محسوب بالمرة ،وغدا أقرب
لأمي وأنا في العاشرة من عمري ،وسميته (كرة إلى رسومات لونية ومخرجات بصريه ليس من
السهل تحديد أيها أقوى أو أكثر غن ًى ،أو حتى حد ًة،
الضياء) ،أتأمل هذا العنوان الآن وأنا في ذلك العمر لأن الأمر نسب ّي ومتفاوت حسب ما يراه الآخرون
وأقول يالها من استعارة مبكرة ج ًّدا .وعلى أ ّي حال
فأعتقد أ ّنني ولدت شاعرة ،أو على الأقل ناسك ًة في المعنيّون به (حسب ما يعتقدون).
محراب الشعر .ظللت مفتونة بالشعر لا أكتبه بقدر الأكيد أن القصيدة اختصرت عليَّ كل ثوراتي
القديمة والحاليّة واللاحقة وجعلتني مت ّوج ًة على
ولعي بقراءته وترديده وإلقائه وتدوينه .وأذكر نفسي ،متمردة أكثر ،لكنني في الوقت نفسه أخرج
أنني في نفس الس ّن أو أقل بقليل ألقيت قصيدة في ك ِّل م ّر ٍة أكثر سلميّة وهدو ًءا ويقينًا بأن التم ّرد
للشاعر هارون هاشم رشيد ،أيام أن كان النضال هو طريقة حياة .القصيدة هي عصاي السحرية
الفلسطيني لا يزال يحتفظ بيريقه ووقعه في وجدان الجديدة لممارسة تم ّردي ،وهذا لا يرتبط بنصوص
الناس ،وأذكر تما ًما كيف بكت الحاضرات وأنا ألقي بذاتها ولا بتناو ٍل مح ّدد ،فالأمر أكبر من ذلك،
تلك القصيدة .لا أذكر بعد ذلك أنني عاودت كتابة فالقصيدة هي لغتي التي أواجه بها كل أنماط الحياة
والأفكار والمعطيات بلا اسثناء.
الاختيار الحر انتصار ،والانتصار طاقة مذهلة
للكينونة المتّقدة ،والفعل ودوافع الفعل والابتكار،
ولهذا مث ًل فإ ّنني رغم تخصصي في علوم
الحاسبات والإحصاء وعملي في هذا المجال سنوات
طويلة أبدأ عم ًل جدي ًدا منذ ست سنوات في التعليق
الصوتي ،وأثق أنني سأثبت كفاءتي فيه وأحقق
ذاتي وطموحي فيه.
وصحيح أنني درست علوم الحاسبات والإحصاء
وعملت أكاديميًّا في نفس المجال ،لكنني ظللت معلقة
باللغة ،ورغم انقطاعي سنوات كثيرة عن الكتابة
لكنني عدت بشغف الضائع إلى بيته .اللغة بيتي وأنا
الشجرة التي تثمر قصائد .الرياضيات والبرمجة
ربما تواءمت مع طريقة تفكيري في التخطيط
وإدارة شئون الحياة أحيا ًنا ،لكنها بصراحة كفعل
لم تتماش مع روحي ،فروحي كانت أقرب للّغة
منذ طفولتي .وأذكر هنا أنني كنت مشاكسة في
حصص اللغة العربية ،وكان هذا يستقبل بمحبة
غالبًا ،فمهارتي لم تكن لتخفى على أحد ،لكن قد
يشوب ذلك بعض الحذر ،فقط حينما يتأكد أن
وجودي في الفصل يشكل ورطة .وعمو ًما فقد
اتضحت قدرتي اللغوية في المرحلة الإعدادية ،ليس