Page 106 - merit mag 36- dec 2021
P. 106
العـدد 36 104
ديسمبر ٢٠٢1
حبيب /ظلها الآخر ،في رحلة لأصابع عمياء ترصد الديوان على هدم النظرة الرومانتيكية للشعر /الواقع،
بدقة ملامح الآخر ،محاولة الوصول للمعني الذي في محاولة لتعرية الذات من أوهامها باحتمال وجود
يعمق من شعورها بالحياة /الإشباع ،وبداية الشغف جنة مفقودة قابلة للتحقق ،تلك الرؤية الأبوكاليبسية
المعتمة ترى الحياة من منظور موضوعي ،ترصد البنى
بالتفاصيل التي تخلق أبعا ًدا للعالم. الاجتماعية والسياسية بشكل غير مباشر داخل قراءة
في نصها «نوتة لأقمار زرقاء» تقول: المسكوت عنه بين طيات النصوص ،نرى الذات وهي
كنت أمد البساط وأتحجج بانحساره تتحطم وترى أحلامها تنكسر في رؤيا كابوسية ،كما
آتيك لاهية عما يخبئه السقف من أسفار وحلوى ترصد الطبيعة في تحولاتها المؤلمة عندما يبدأ الإنسان
وأحجيات في التوغل داخلها بالفساد والجشع والنهب المنظم،
تزعم أن الليل يطرق الباب تحاول الشاعرة إيصال تلك الرؤية الشديدة الألم
وتقول :نحن نخشي الليل! أنخشاه؟! لنعيد تقييم علاقتنا بالعالم ،التفكر مليًّا في معنى بقائنا
على الأرض ،كذوات قابلة للموت والتعفن والانتهاء بلا
أجيبك :لا أثر ،أن نعيد طرح عملية الوجود ذاتها باعتبارنا جز ًءا
نفتح ذراعينا له فنأخذه ونشلح ما يظنه الآخرون من الطبيعة يجب أن نحترم قوانينها الغريزية التي
نحن أسست للمعنى والهدف والغاية.
لنصبح أنا وأنت إيانا في نصها الملهم «برواز مستعجل»:
ونرج أرض العالم بأقمار زرقاء تخرج من صدرينا ُحرث النه ُر وتجلي كحرف واو في الآثام
قبل أن تبتلعنا الأبدية صاحت يمامة أين تاج المياه ولؤلؤها
ثم تمضي لتقول في نهاية النص: أين الشجو والنحيب والنشيج والعتبى
الطريق القصيرة تلهو ِبع ِّضنا ،ريثما نتقاسم الحلكة
هنا تمطر بلا برق لكننا سنقطف الوردة أين العيون التي فارقت النبع
للوقت أفلاك خارج الزمن تسكن النبوءات ثم تمضي في النص وتقول:
والأعشاش كذلك كنتم وكنا وسنكون
يا عصافير أوبي معي يرتد البصر حسي ًرا بينما نظل وتظلون في العماء
اغسليني برائحته بضع سنين
عمديني بصهد حماه نطل كأخطبوط هائج بلا أطراف على نافذة اللازمن
علني أنام في الأبد عانة الطريق قصيرة والأحصنة تركض بسرعة
وأق َسم صدره لأوكار من العنب والكمنجات هل كانت الأوزار أثقل من دمنا فهوينا تحت الجلود
وأطوي الظل في هيئته. كان الفراغ كبي ًرا ج ًّدا على مقاساتنا
تبدو ملامح الآخر هنا غير واضحة تما ًما ،إنها الملامح وكنا ضئا ًل في جيوب مخرومة..
التي تعيد رسمها بإرادتها الحرة ،وتخيلها الذاتي، الأنوثة التي تبحث عن اكتمالها
عبر وجود مركزية ثقيلة للأنثى ،تريد لها أن تكتمل الضلع المفقود
بحضور الآخر ،ولكن ليس من خلال غيابها هي، تتمتع الشاعرة بروحها المتفردة ،التي تصبغ الشعر
ولذا نرى دائ ًما عبر نصوص الديوان تلك الرؤية بألوانها الصاخبة بالحياة ،شاعرة تمتلك لغتها النقية
المتفجرة بالحب والشغف والنشوة بحضور الآخر عبر الحادة الموغلة في الصرامة والرقة في آن ،وتستعملها
دخولها كعناصر مضافة لذاتها هي ،وليس عناصر
تعيد تكوينها ودمجها في المنظومة الذكورية السائدة، ببراعة في تكثيف رؤية النصوص واستكناه معالم
هناك وعي عميق لدي الشاعرة بتلك المعادلة الدقيقة الوجود ،ولكنها أي ًضا ترسم وجها غير مكتمل الملامح،
التي تمنحها الشعور بالاكتمال بقدر ما تمنحها الحب النصوص في هذا الديوان متعددة ،تلك التي تبحث عن
والذوبان في معية الآخر.