Page 108 - merit mag 36- dec 2021
P. 108

‫العـدد ‪36‬‬   ‫‪106‬‬

                                                      ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬

    ‫النصوص أن ترتكز من خلالها لصنع حضورها‬                ‫«مشغول عليك مشغول» بوابة سمسم على شواهد‬
    ‫الذاتي المؤقت الحاد‪ ،‬في مواجهة الفراغ‪ /‬الغياب‪،‬‬                                             ‫الأحياء‬
  ‫الذي تضعه آليات ما بعد الحداثة في تحديها القوي‬
   ‫لنفي أي إثبات للمعني‪ ،‬هنا محاولات الشاعرة في‬                    ‫ولأن» الناس المغرمين ما يعملوش كدا»‬
     ‫خلق مركزيتها الأنثوية التي استطاعت ولو عبر‬                      ‫أغيب في حلول كلما اقتربت الحقيقة‪.‬‬
 ‫محاكا ِة لوجود عالم آخر استعاري‪ ،‬تحقيق تحررها‬
 ‫الهوياتي ورؤية انعكاساتها الذاتية في مرايا الكتابة‪،‬‬  ‫عبر تناصات متعددة الإحالات‪ ،‬تأخذنا ذاكرة الشاعرة‬
  ‫نري كل مفردات الشاعرة التي نجحت في توظيفها‬           ‫إلى استحضار الصور الحنينية القديمة‪ ،‬عبر الأغنيات‬
  ‫ببراعة لتصميم هذا العالم الاستعاري الآخر‪ ،‬ولكنه‬      ‫القابعة في زوايا العقل‪ ،‬وعلى امتداد النص ترتكز آلية‬
‫أي ًضا ليس العالم المثالي‪ ،‬بل هو تصور الذات لنفسها‪،‬‬
     ‫والتحديق داخل فراغها الهائل وهزائمها المؤلمة‪،‬‬       ‫الاستدعاء على تفجير الشعور بالحنين‪ ،‬الاستئناس‬
   ‫وبالتالي خضوع هذا العالم لكل آليات إنتاج المعنى‬        ‫بالماضي فيما يبدو الحاضر شديد الألم والقسوة‪،‬‬
  ‫داخل عالمنا الاجتماعي‪ ،‬نري الحب كما نري الفشل‬          ‫ولذلك تمثل الكتابة عبر استدعاء الماضي بأيقوناته‬
 ‫العاطفي‪ ،‬نري الحلم والأمل في خلق حياة بديلة كما‬      ‫الشعورية الممتلئة‪ ،‬وسيلة للتخلص المؤقت من الشعور‬
   ‫نرى الرعب والحروب وقسوة السلطة وتوحشها‪،‬‬            ‫بالندم‪ /‬الاستسلام‪ /‬الهروب إلى الظلال‪ ،‬كما تتوضح‬
‫ومن هنا تنجح الكتابة عبر التداعي الحر‪ ،‬والصدق في‬          ‫هنا الملامح الحقيقة للشاعرة عبر مرآة اعترافاتها‬
  ‫تعرية الذات‪ ،‬على خلق المسافة الواعية بين الشاعرة‬    ‫المتدفقة‪ ،‬بقسوة التذكر‪ ،‬بإدراكها بأصابع الزمن التي‬
                                                        ‫تعصر قمريها الناتئين بصلابة‪ ،‬الشاعرة التي تبكي‬
                                       ‫والمتلقي‬        ‫ذاتها التي لم تنجح في تحقيق وجودها الهادر‪ ،‬فكان‬
                                                        ‫العبور الرقيق إلى الهشاشة‪ ،‬الكتابة عبر السقوط في‬

                                                                     ‫بئر الأنا‪ ،‬ورؤية القاع صافيًا كمرآة‪.‬‬
                                                          ‫في النهلية‪ ،‬تبدو التفاصيل الدقيقة التي استطاعت‬
   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113