Page 104 - merit mag 36- dec 2021
P. 104

‫العـدد ‪36‬‬   ‫‪102‬‬

                                                      ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬

  ‫المركزية الهشة‪ /‬التداعي الحر للذات‬                   ‫الأدهم‪ ،2021 /‬ومن خلال اثنتين وعشرين قصيدة‪،‬‬
                                                         ‫تلك المركزية «الأنثوية» التي تضاعف من حمولتها‬
 ‫بينما تستمر الشاعرة في بنائها للعالم المضاد‪ ،‬نرصد‬
      ‫انهيار الواقع وأزماته الوجودية المؤلمة‪ ،‬تحولات‬  ‫المعرفية‪ ،‬مرة لأنها ذات تحاول رصد العالم من خلال‬
                                                           ‫اللغة الاستعارية التي تحاول هدم العالم وإعادة‬
   ‫الإنسان وسجنه داخل استهلاك الذات‪ ،‬إنها القدرة‬
 ‫الهائلة للبناء مقابل الهدم‪ ،‬ولكنه بناء مجازي سرعان‬   ‫تأويله‪ ،‬ومرة أخرى من خلال مركزية الرؤيا الأنثوية‬
                                                      ‫التي تضع خصوبتها كبذرة أولي لميلاد مجتمع جديد‪.‬‬
   ‫ما يسقط نتيجة تناقضات النص‪ ،‬الهزيمة والنصر‬
‫اللذان يوضعان في كفة واحدة مقابل لا عدالة التأويل‪،‬‬                         ‫في نص «كأس اللوتس» تقول‪:‬‬
                                                          ‫أجثو في كنف «رع» بينا يلفني بذراعيه منفلتا من‬
      ‫ففي الخارج لا توجد ذات منتصرة وقادرة على‬
  ‫النجاة‪ ،‬الأمل واليأس يولدان من رحم واحد‪ ،‬فتتولد‬                                     ‫عرشه السماوي‪،‬‬
                                                             ‫أغمض عيني وأرفع رأسي نحو وردته اللاهبة‬
     ‫معادلات صفرية تستنزف النص داخل تضاداته‬
                                      ‫اللانهائية‪.‬‬                   ‫فتشهق الحكمة لاهجة من آبار المسام‬
                                                                              ‫ها هي ذي الألوهية الحقة‬
                ‫في قصيدة «دوائر في حفيف» تقول‪:‬‬
‫كانت الوسائد مبللة بالمراس والتردد حين أفضي البئر‬                       ‫ونحن‪ ..‬ألم نركض إليها مختالين‬
                                                          ‫في قوس من الألوان والأنوار التي لم تفطم بعد؟!‬
                                  ‫بمزاميره البكر‬       ‫ليتنا لما شاهدنا زورق التكوين يمخر في البحر الهائج‬
                          ‫وهبت بساتين وبحيرات‬
                                                                                             ‫والضباب‬
                                                           ‫ما تركنا زهرة اللوتس تحمل كأس دمعها البراق‬

                                                                                               ‫وحدها‬
                                                                            ‫وانشغلنا بنقش مفتاح الحياة‬
                                                                  ‫وتزيين جنائن السلام بالأنجم والسنابل‬
                                                      ‫ِرني ارتعشت على صولجانك واتقدت منذ ابتداء الكلام‬
                                                          ‫رمسيس ‪-‬وقتما كان في ميدانه‪ -‬أسعفه اخضرار‬

                                                                                               ‫التأويل‬
                                                           ‫وفطن إلى أن شهدك الأحلي ما زال مخبو ًءا لي في‬

                                                                                              ‫الملكوت‬
                                                                                   ‫ثبت يديك على ركبتي‬

                                                                                           ‫أجل‪ ..‬هكذا‬
                                                                   ‫فنحن منذورون ‪-‬قبل الأزل‪ -‬للرفيف‪.‬‬
                                                      ‫في النص نرصد تجلي الهوية الأنثوية للذات في نشأتها‬
                                                         ‫الأولى‪ /‬ارتباطها بألوهة الخلق والتكوين‪ ،‬في قدرة‬
                                                      ‫الخصوبة على إعطاء الحياة رونقها وروحها‪ ،‬من رحم‬
                                                         ‫المرأة يولد السلام‪ ،‬زهرة اللوتس المكثفة الدلالة في‬
                                                       ‫وهب السلام للأرض‪ ،‬وهنا نلمح أي ًضا تعقب القراءة‬
                                                        ‫الأنثوية للتاريخ الذكوري المهيمن‪ ،‬وسيطرة الحرب‬
                                                         ‫على قراءة المشهد التاريخي‪ ،‬فبينما تسجل الفترات‬
                                                       ‫الزمنية للحضارات على تيجان الحروب ومعابد الدم‪،‬‬
                                                         ‫نري الأنثى تؤسس لذاتها المناقضة‪ ،‬الخالقة للحياة‬
                                                      ‫مقابل الموت‪ ،‬السلام مقابل السبي‪ ،‬الأبدية مقابل دفن‬

                                                                                               ‫الروح‪.‬‬
   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109