Page 111 - merit mag 36- dec 2021
P. 111
نون النسوة 1 0 9 الشعر في سن قريبة ،لكن الأكيد أنني كنت أكتب
موضوعات متميزة ومبهرة في مادة التعبير ،كما
في التحصيل الدراسي ،والدخول في معمعة العمل أنني كنت مولعة بحصتي النحو والأدب ،وكثي ًرا ما
ثم تكوين أسرة. صححت أخطاء للمعلمات فيهما ،أذكر أن هذا حصل
لكنني أدركت فجأة وعلى غير انتباه -ربما -أن أول مرة وأنا في الصف الرابع.
ثمة ما فقدته دون أن أنتبه وقتها ،وسقط مني في عدت للكتابة في المرحلة الثانوية ،ترافق هذا
باختلاس العديد من الكتب المختلفة من مكتبة
الطريق ،ولم تستوقفني لأجل فقدانه نفسي ولا أبي الضخمة ،في المرحلة الإعدادية أولعت بجريدة
أحد أي ًضا ..ثم بادرني بعد سنوات طوفان عار ٌم القبس الكويتية التي كانت بالنسبة لي نافذة
من الكتابة ،ووجدتني مستسلمة له .لم يكن هذا موسوعية نحو العالم ،تلبي إلى ح ٍّد كبير -مع
الانفلات عفو ًّيا ونيِّئًا كما قد يعتقد البعض ،بل كان صغر عمري -رغبتي وعطشي للمعرفة .وحرصت
نتا ًجا مختم ًرا لأعوام بلا كتابة .لم يب ُد شعري ولي ًدا أن أدون ما أكتبه أو يعجبني في دفاتر احتفظت
أو طار ًئا أو غ ًّرا أو هامشيًّا ،بل انطلق من عمق بها لفترة طويلة ،ثم أهملتها وضاعت .منذ سنين
الجامعة الأولى ولسنوات لم أنقطع عن القراءة رغم
العمق ،وكان قو ًّيا لا يحده فضاء. انقطاعي عن الكتابة لانهماك أعمى وغير محسوب
وإن كان لا بد من بعض الحديث عن الكتابة
والشعر فإ ّنني أرى الكتابة فعل اكتما ٍل يجعل من
اللا والنقص ما ّدته ومنهجيّته وفوضو ّيته أي ًضا،
حين يجنح خارج الأسوار والفراغ م ًعا ،فيعبىء
ذاته من ذاته أو فرا ًغا بفراغ أو هشاش ًة بهشاشة،
مستعينًا باللغة والإيقاع والمجاز .وكتراكم معرف ّي
يتب َدى أ ّن ث ّمة خلخل ًة ما تط ّل برأسها ما بين هذه
المفارقات ،التي وإن جنحت أو بدت كتها ٍو ما ،إلا
أ ّنها تتقدم وتصعد بشك ٍل أو بآخر .ولا تلبث أن
يستقيم فيها عود لتتوازن معرفيًّا وفنيًّا .وذلك
في استدعاء ملحوظ لحضور اللاحضور وكلام
الصمت وتداعي اللاوعي في حيز الوعي .قد يكون
السؤال هنا :لماذا الشعر؟ ربما لأن الشعر بتكثيفه
وموسيقاه م ًعا يسحبني إلى نقاط اللامحسوب
واللامتوقع ،كما أن موسيقاه أي ًضا هي التي تجعل
للفوضى والتمرد بها ًء يتس َّرب أو يندفع متجاو ًزا
رتابة الكتابة النثرية وثيمتها السرد ّية ،ويتقافز
في اللحظة نفسها بحيث لا يمكن -بين جمل ٍة
وأخرى وربما بين كلم ٍة وأخرى -أن تكون الحالة
الشعورية للشاعر والمتلقي واحد ًة أو ثابتة .كما
أن لاتساع طيف التأويل والإسقاط ما بين الشاعر
والمتلقي ،أو ما بين المتلقين أنفسهم ،جمالي ًة ف َّذ ًة
تميّز كثي ًرا بين الكتابه النثرية والشعر.
الن ّص الشعر ّي ابن الحالة أحيا ًنا ،ووليد الصدفة
والعدم أحيا ًنا كثيرة .النص قد تفرزه سكين تقطع
روحك أو أصابعك ،أو منج ٌل يقلم الأشجار ويجز
العشب ،أو تنكشه إبرة ترتق ندو ًبا لتل َد ندو ًبا
أخرى .وقد يأتي من ماء يسيل بشدة أو برقة