Page 221 - merit mag 36- dec 2021
P. 221
ينظر شعراء قصيدة النثر إلى اللغة «والذين استشهدوا
الشعرية بوصفها ،أداة خلق وابداع، موجودون
وليس أداة تعبير ،فالكلمات فيها تعبر في مكان ما
عن معان أكثر من معانيها الحرفية، هنا
فتصير وظيفتها أوسع وأعمق ،وتوحي
وتشير أكثر مما تعبر؛ فهي لغة كشف ربما قرب دبابة
وتساؤل ،كما أنها وسيلة استبطان أو جنب طفل يحمل عل ًما
واكتشاف .ومن غاياتها الأولى أن تثير
وتحرك ،وتهز الأعماق وتفتح أبواب أو أغنية
أو قرب حنجرة الذي يتسلق
الاستباق.
أعمدة الضجر ..هناك
انتهاء ما ُس ّمي بسقوط الحديثة» (ص.)31 ليهتف ضد الخراب
«السرديات الكبرى» ،وهي كما أن الشاعر يحتفي ليهتف ضد الطاغية»
بـ»الصورة المسترسلة» (ص.)26
سمة من سمات فنون المعتمدة على السردية في
ما بعد الحداثة ،واتجاه تسلسل أحداث الذات كما أنه يحتفي بـ»الصورة
المشهدية» التي تحتفي
الفنون والأدبيات إلى وانفعالاتها ،وأخي ًرا
الذات المفردة للغوص فيها «الصورة الومضة» بتفاصيل الحياة اليومية،
الخاطفة ،المركزة التي تتمثل وتجعلك تتصور الصورة
واستجلاء همومها فيما في «الهايكو» ،فنجده يقول:
يشبه التشظي والتشذر «أنت لا تشكو من شيء كمشهد سينمائي ماثل
والبعد عن الكليات وطرح أمامك وأن تقرأ الجملة
الأسئلة الكبرى والبحث محدد الشعرية ،التي تعتمد على
في أسئلة الهوية والقومية وتشفق على الذين لم يضلوا المشهد اليومي ،ففي قصيدة
وغيرها من أيديولوجيات «تائه» تفقد الذات الشاعرة
أب ًدا» (ص.)35 بوصلتها ،فتسرد لنا في لغة
كانت أكثر اتسا ًقا مع مشهدية تفاصيل هذا التائه،
«قصيدة التفعيلة» ،ومن الخطاب الرؤيوي وردود أفعاله تجاه البشر
في الديوان
قبلها قصيدة العمود والأشياء:
الشعري ،إلا أن الشاعر في رغم أن قصيدة النثر «أضل الطريق أحيا ًنا
الديوان لا يتخفف كلية من تخلصت من الحمولات وفي اللحظة التي أتأكد فيها
الفلسفية الكبرى وهذا شأن
هذه الحمولات الفلسفية، جميع الفنون تقريبًا ،فبعد أنني تهت
فثمة هم عام يناقشه في تنبت على شفتي ابتسامة
الديوان ،وثمة استنهاض
كسول ودود باهتة
()...
ترفع رأسك قلي ًل
وتكف عن تفادي النظرات
التي كنت قبل لحظات
حري ًصا على تفاديها
وربما وقعت عيناك على
بيت..
يفرض إيقاعه على البنايات
المجاورة