Page 252 - merit mag 36- dec 2021
P. 252
العـدد 36 250
ديسمبر ٢٠٢1
هل تعتقد أن لعملك في علمانية رائقة ،يخوض معركة صدقني ،الكتابة عندي تأتي بدون
الصحافة منذ منتصف الخيال. ترتيب ،ولا تصورات مسبقة عن
الشعر ،يأتي الشعر لحاجة “ما”
الثمانينيات دخل أنت من أوائل الشعراء لا أستطيع توصيفها ،هذه الحاجة
في اقتصاد اللغة في الذين يكتبون قصيدة
قصائدك؟ بشكل عام؛ أسميتها -في مقال لي- تجعلني متواز ًنا وتشعرني أن
هل هناك أثر ما تتركه “القصيدة الهشة” ،حيث لحياتي معنى ،لم أفكر في منافسة
الصحافة في أعمال تستخدم لغة شديدة
الأدباء سواء الشعراء أو البساطة ،يتخللها الكثير أحد ،وأسعد بتجارب الآخرين،
الساردون كما يشاع؟ وبالتنوع في الشعر الجديد في
من أسماء الإشارة مصر ،وفي كل الأماكن التي أعمل
الصحافة أخذت من عمري أكثر وظروف الزمان والمكان، بها أفسح المجال للآخرين ،وأفرح
مما أعطتني ،ولكنها دربتني على بقصائدهم كأنها تخصني ،أما
كما أنها مقتصدة ج ًّدا أصحاب اليقين فأنا أشفق عليهم،
الاستحابة ،وجعلتني في وسط في عدد الكلمات ..كيف لأنهم اكتشفوا أو في طريقهم
الحياة ،ليس فقط في مصر، تنظر إلى القصيدة كبناء لاكتشاف أنهم أهدروا أعمالهم في
فني في ضوء ما قاله لي معامل ومختبرات ،وأن قصائدهم
ولكن في العالم كله ،الصحافة د.عبد القادر القط يو ًما: مهما ارتفع صوتهم على المنصات
لا تصنع ذاكرة ،هي طبلة من إن القصيدة لا بد أن تكون لن تصمد أمام الشعر الصادق،
ورق ،ولكن أثرها الآني ضروري طويلة لتشكل جسدها الذي يعبر عن الخلل الذي أصاب
للتأريخ ،هي مأزومة منذ سنوات
لأسباب مفهومة ،والصحافة جمال ًّيا. البشرية ،الشعر ليس بيا ًنا،
الثقافية محاصرة ،لأن القائمين وليس منشو ًرا سياسيًّا ،وليس
على الصحافة لا يقدرون أهمية أعتقد أن الإيغال في التعقيد أسهل استعراض ثقافة وقراءات ،وليس
الثقافة والإبداع ،عملت في أكثر ما يكون ،البساطة تحتاج عم ًل وجاهة اجتماعية ،الشعر حاجة
من مكان ،وأفضل فترات كتابة إنسانية ملحة ،ولولاه -بالنسبة
الشعر عندي ،هي الفترات التي شا ًّقا ،بدليل قلة أعمالي ،أن أعمل
كنت فيها أعمل ساعات أكثر، على قصيدة عشرة سطور في لي على الأقل -لكان مصير
الصحافة رغم كل شيء أقرب البشرية أسوأ مما هي عليه ،لا
المهن إلى عمل المبدع ،والصحافة شهر أو يزيد ،الروافد التي شكلت توجد غنائم يحصل عليها الشاعر
المصرية تاريخيًّا أسسها أدباء حياتي كلها تتسم بالبساطة، الجديد ،ولكنه مطالب بالتعبير عن
ومبدعون ،وهي الآن تحارب ومبنية على عدم الثرثرة ،أما اللحظة التي وجد فيها ،بعيد عن
البناء ،فأنا لا أفكر فيه بشكل اللغة المقدسة والأفكار المقدسة،
الأدباء والمبدعين. مسبق ،كل قصيدة تقوم ببناء والتخلي عن صورة الشاعر القديم
الذي عبر عن زمن آخر ،ويستند
اقتصادك الشديد في نفسها ،ولا أملك مهارات البنائين السلفيون والسياسيون إلى حكمه
الشعر يقابله فيض الكبار ،قصيدتي مثلي تعيش في الجاهزة ،الشاعر الجديد يخوض
من البوح الحميمي في
السرد ،خاصة في تلك بيت يطمح أن يكون ريفيًّا حتى لو معركة عظيمة الآن ،حتى لو
الحكايات والبورتريهات كان في المدينة ،بيت يحتوي على تجاهلها النقاد الرسميون أمثال
الأثاث الضروري فقط لكي أنام جابر عصفور ومن على شاكلته،
وأتمدد أمام التليفزيون. لأن هذا الشاعر يخوض معركة
الحداثة الحقيقية بدون تعليمات،
نجح في جعل اللغة الجميلة لغة