Page 15 - Jj
P. 15

‫‪13‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

       ‫الشخصية وعن دولة القانون وعن المجتمع‬                                    ‫العالمية في لمح البصر!!‬
  ‫المنفتح وعن العلمانية وبين الخبث والمكر وإعلاء‬         ‫إن اللطم والتعديد والعويل والبكاء ليست فقط‬
   ‫قيمة الماضي وفقدان الإحساس بالزمن‪ .‬لم يكن‬        ‫حالة‪ ،‬أو حالات وجدانية‪ ،‬وإنما طريقة تفكير ونمط‬
  ‫ينتبه أحد إلى أنه كيف يمكن الحديث عن الحرية‬          ‫حياة‪ ،‬وجزء من دوافع أسطرة الظواهر والناس‪.‬‬
   ‫والإبداع ورفع الأسقف وفتح الأبواب والنوافذ‬        ‫وهو ما حدث مع السيدة المصرية المسكينة دميانه‬
                                                      ‫نصار‪ .‬فقد ملأت صور سعاد حسني وليلى مراد‬
     ‫وبين الشروط التي تمليها عقول َع َّشش فيها‬        ‫وتحية كاريوكا ونادية لطفي ومديحة يسري وأم‬
  ‫الماضي والنكد والعويل والاحتقار المضمر للمرأة‬     ‫كلثوم وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي‬
‫وللإتيكيت‪ ،‬وكيف يمكن أن تكون الحرية بشروط‪،‬‬            ‫باعتبارها النموذج والنمط و»المثال» التي يجب أن‬
‫والحركة بشروط‪ ،‬وارتداء الملابس بشروط‪ ،‬وكيف‬          ‫تكون عليها الممثلة العظيمة والمرأة الجميلة المحتشمة‬
  ‫يمكن أن تكون الشروط دائ ًما أخلاقية وماضوية‬          ‫التي تشرف وطنها وأمتها وجمهوريتها الجديدة‬
                                                     ‫والقديمة وتحافظ على العادات والتقاليد والأخلاق‪.‬‬
                              ‫ومضببة ومعتمة!‬        ‫وكانت هذه الصور تلتقط في شوارع المدن الأجنبية‬
                                                        ‫في أوقات المهرجانات أو تصوير بعض المشاهد‪،‬‬
‫العثور على ميكروباص الساحل‬                           ‫وأثناء لقاءاتهن بمسؤولين في حفلات بروتوكولية‬
     ‫في مهرجان الجونة‬                                    ‫تقام على هامش المهرجانات‪ .‬ومن الواضح أن‬
                                                         ‫الهدف من طرح هذه الصور ونشرها من ِق َبل‬
 ‫انتشرت الكتابات عن فيلم «ريش» بسبب ما فعله‬          ‫مخرجين كبار وفنانين وناس عاديين‪ ،‬ومن طرف‬
‫الممثلون المغمورون الثلاثة أو الخمسة‪ .‬وبدأ تدوير‬          ‫أساتذة جامعات محافظين‪ ،‬ومن طرف ربات‬
                                                      ‫بيوت يفضلن الملاية اللف‪ ،‬ومن طرف فنانات من‬
  ‫بعض الأخبار من قبيل أن الفيلم «حصد الجائزة‬        ‫صاحبات الفن النظيف‪ ،‬وفنانين من الذين يفضلون‬
‫الكبرى لأسبوع النقاد وجائزة فيبريسي بمهرجان‬             ‫القبلات بعي ًدا عن الكاميرات‪ ،‬محاولة جر الرأي‬
                                                    ‫العام بكل الطرق إلى الماضي‪ ،‬أو جر الماضي إلى كل‬
   ‫كان ‪ .»2021‬فرد البعض بالتقليل من شأن ذلك‬            ‫سكان الدولة ليعيشوه كحاضر وكمستقبل‪ .‬لقد‬
   ‫وقالوا «ما معنى الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد‬     ‫فقدوا الإحساس تما ًما بالزمن ولم يعودوا يعرفون‬
                                                        ‫أن كل هذه الصور وكل هذه الملابس كانت منذ‬
     ‫في مهرجان كان‪ ،‬وما هي قيمتها أص ًل؟! وما‬            ‫ستين وسبعين وخمسة وسبعين عا ًما مضت!‬
‫معنى جائزة فيبريسي في مهرجان كان أي ًضا‪ ،‬وما‬          ‫من الواضح أنه كان يتم استخدام واستغلال كل‬
 ‫قيمتها؟ أم أنهما جائزة واحدة؟!»‪ .‬في البداية قالوا‬      ‫بذاءات وانحطاطات المجتمع وتردي العقل العام‬
                                                     ‫من أجل هندسة مسارات ومحاور وتحقيق أهداف‬
  ‫إن الفيلم من إنتاج أربع دول هي مصر وفرنسا‬            ‫بعينها في هذا المهرجان ولصالح أحد ما أو عمل‬
‫وهولندا واليونان‪ .‬لكن لم يتحدث أحد عن مستوى‬              ‫ما‪ .‬وكان يتم افتعال معارك وتوريط أكبر عدد‬
                                                      ‫من الناس فيها‪ ،‬سواء بتضخيم الأمور والمبالغات‬
  ‫التمويل ولا جهات التمويل (الإنتاج)‪ .‬ولا يعرف‬        ‫أو التقليل من شأن الأشياء والحط من قدرها‪ ،‬في‬
‫أحد حجم الإنتاج والتمويل لفيلم تم تصويره عمليًّا‬     ‫حالة استقطاب وتطرف غير مسبوقة‪ .‬لا أحد يريد‬
                                                      ‫أن يترك المستقبل ينمو ويعيش‪ .‬ولا أحد يريد أن‬
  ‫في مكان واحد لممثلين غير محترفين (في مصانع‬        ‫يترك النساء والممثلات يرتدين كما يحلو لهن وكما‬
  ‫الحديد والصلب في حلوان وفي مساكن العمال في‬        ‫يردن ويفضلن‪ .‬ولا أحد ينتبه إلى التناقض الصارخ‬
  ‫التبين)‪ ..‬وراجت القصص والروايات والمعجزات‬             ‫والمرعب بين الكلام عن المستقبل وعن الحريات‬
‫عن فريق التمثيل‪ .‬وتدريجيًّا بدأ الحديث عن الملهمة‬

    ‫المصرية الجديدة والأسطورة العالمية الصاعدة‬
                             ‫دميانه (أم ماريو)‪.‬‬

 ‫هاجت وماجت وسائل الإعلام ووسائل التواصل‬
     ‫الاجتماعي‪ ،‬بالضبط مثلما حصل في موضوع‬
    ‫«سقوط الميكروباص من فوق كوبري الساحل‬
       ‫وبه خمسة عشر راكبًا إضافة إلى السائق»‪.‬‬

  ‫واتضح فيما بعد‪ ،‬وبعد أن تحدثت جميع وسائل‬
   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20