Page 11 - Jj
P. 11
إبداع ومبدعون 9 الكريم» ويطلب من البشرية الإجماع على واحد أحد
رؤى نقدية ما في هذا الكون الواسع.
أوي» ،وأغنياء أوي أوي ،وجحافل من الطفيليات مجموعة الممثلين الثلاثة أو الخمسة الذين أثاروا
في الشوارع .وبالتالي ،قررت الدولة وجمهوريتها الأزمة لهم علاقات ومصالح وتشابكات ويسهرون
الثالثة أن تحتكرا صورة الفقر ،وتصبحا -هما مع ناس وأطراف ويتحدثون معهم في «مصلحة
فقط -المالك الحصري لحقوق نشرها وتسييدها البلد» و»مصلحة المجتمع» ،ولديهم تصور «جديد»
عبر الصور الذهنية .بالضبط مثل احتكار صورة
الدين وامتلاك الحقوق الحصرية لها ولتصديرها لمصر ولجمهوريتها الثالثة وللفقر وللغنى،
داخليًّا وخارجيًّا .فأصبح لدينا معركتان :معركة ولطرق «شرب الحشيش» و»استضافة الراقصات
الأجنبيات» .وأمثال هؤلاء الفنانين الذين يمثلون
الدين وتجديد الخطاب الديني ،ومعركة الفقر «الفن النظيف» يتصرفون بطريقتهم التي يعرفها
وإثراء الفقراء وعرض نماذج منهم للتأكيد على المجتمع المصري ووسائل الإعلام والأجهزة الأمنية.
أن المصريين يسيرون على طريق الثراء! وطب ًعا
كل معركة لها جيشها الذي يقف وراء أصحاب لكن المهم هنا أنهم يتصرفون بحذر وحرص،
ويهتمون بسمعة بعضهم البعض حتى لا يقعوا في
الجمهورية الثالثة :مجموعة النخب (تحت أفخاخ التصوير أو التسجيل والفضائح .ففي نهاية
التشطيب) تعمل في المعركة الأولى وتجيِّش الناس المطاف لا يصح أب ًدا أن يتم ضبط فناني الفضيلة
من جهة ،وأنصار الفن النظيف والممثلون الذين والسينما الوطنية والنظيفة وهم يحششون أو
لديهم مشاكل مع الجنس والفقر ،والشخصيات يسكرون أو يرقصون مع راقصات أجنبيات يأتون
الفنية التي ليس لديها أي مشاكل طالما هناك لهم خصي ًصا بتأشيرات فورية.
حشيش ولزوم ما يلزم. لقد أصبح الفقر مختل ًفا عن فقر الأزمنة الماضية،
لأنه في الماضي كانت هناك طبقة «دنيا» تثير قرف
كل ذلك أمر طبيعي في مجتمع يمر بمرحلة ونفور الجميع .فلا الطبقة العليا ترغب برؤيتها ولا
انتقالية طوال ثماني سنوات ولديه علاقات وطيدة تريد أن تفكر فيها أو في وجودها أص ًل ،والطبقة
الوسطى الزئبقية تدوس عليها من ناحية وتتعلق في
مع العشوائية والفوضى العقلية والذهنية ومع نعل حذاء الطبقة العليا من ناحية ثانية .ومع ذلك
الفساد السياسي والإداري والتدين الشكلي. فقد كانت توجد أي ًضا طبقة وسطى يمكن لمخرج
مثل يوسف شاهين وابنه الروحي خالد يوسف
بل ومن حق الجمهورية الثالثة ونخبها (تحت
التشطيب) وأصحاب «الفن النظيف» وحارسي أن يقدموا فيلمين أو ثلاثة عنها وتنتهي الأمور
الفضيلة وحافظي أخلاق الوطن أن يتصرفوا وفق بانتصار الحق وتمجيد الفقر والفقير الشريف
مصالحهم :يقدموا «سينما نظيفة» ويحتكروا الدين الذي سيدخل الجنة .لكن الطبقة الدنيا كانت وما
والفن وصورة الفقر النظيف المغسول جي ًدا بالماء زالت حتى الآن تعيش تحت الأحذية وتحت الأرض
والصابون ،ولكن عليهم فقط أن يتركوا الآخرين وفي المزابل والعشوائيات ،ولا أحد يريد الاعتراف
بوجودها إلا عندما يقدمون تقارير ما أو عندما
يفعلوا ما يشاؤون وفق رؤيتهم :أن يطرحوا يستشهدون بإنجازات ما وهمية .فماذا حدث؟!
فنهم وثقافتهم وتصوراتهم للدين ولصورة الدين
الرسمي وغير الرسمي ،ورؤيتهم للفقر وللفقراء حدث أنه خلال السنوات الخمس أو السبع
الأخيرة أن أكثر من نصف الطبقة الوسطى انهار
وللفساد السياسي والإداري. وانهارت أحلامه الانتهازية وهبط إلى الطبقة التي
إن ما فعله هؤلاء الأشخاص المغمورين في منتجع كان ينكرها ولا يريد أن يراها منذ عدة سنوات.
وتح َّول الجزء الباقي إلى بروليتاريا «كلبة» وعالة
الجونة مؤشر خطير على الرغم من أنه موجود على الدولة نفسها .وأصبح لدينا ناس «فقرا أوي
ونشط منذ عشرات السنين ،لكن يبدو أنه استفحل
ج ًّدا الآن وصار من طبائع الأمور .فماذا حصل
بالفعل عندما حدث فراغ في الفكر والثقافة؟! ظهرت
مجموعات وشلل ش َّك َلت فكر وثقافة طوال أكتر من
ثلاثين سنة ،وها نحن نرى إلى أين وصل الفكر
والثقافة ،ونتابع عمليات التجميل والتبرير والخداع.