Page 6 - Jj
P. 6

‫العـدد ‪35‬‬                                      ‫‪4‬‬

                                                   ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

      ‫الغناء الشعبي (المصنوع) يترك‬                 ‫افتتاحية‬
   ‫مساحة للمطرب لكي ُيدخل الموال‬
‫المرتجل على صلب الأغنية المكتوبة‪،‬‬                  ‫سمير درويش‬
‫نرى ذلك واض ًحا أي ًضا عند شفيق جلال‬
 ‫ومحمد العزبي‪ ،‬لكن (هذه الصنعة)‬                    ‫رئيس التحرير‬
 ‫انحدرت شي ًئا فشي ًئا بداية من أحمد‬
  ‫عدوية وكتكوت الأمير وأصحابهما‪،‬‬                   ‫من الم َّداحين‬
                                                   ‫إلى شاكوش‪..‬‬
         ‫الذين اعتمدوا على (مؤلفين)‬
 ‫بدائيين ُينظمون كلمات بعيدة عن‬                    ‫كيف أجهضت الصنعة الرديئة‬
‫الشعر‪ ،‬و ُيدخلون ألفا ًظا جارحة للذوق‬              ‫سوق الغناء الشعبي؟‬

     ‫العام لمجرد أن جماعات محدودة‬
    ‫تستخدمها على نطاق ضيق‪ ،‬مثل‬
 ‫الحشاشين المسطولين في (الغرز)‪.‬‬

 ‫حاجة الإنسان إلى الاستماع إلى الكلام مو َّق ًعا؟‬    ‫الأغنية ‪-‬بكل تصنيفاتها‪ -‬شري ٌك شبه‬
  ‫لماذا لجأ إلى هذه الحيلة؟ هل لمجرد أن الإيقاع‬
‫يساعد على حفظ الكلام‪ ،‬أم أن إجبار الجسد على‬              ‫دائم في حياة معظم البشر حول العالم‪،‬‬
 ‫الحركة المتوافقة مع هذا الإيقاع ‪-‬الرقص‪ -‬هو‬          ‫يسمعها الفرد بإرادته أو بدونها‪ ،‬لأنها تب ُّث‬
 ‫الغرض؟ أ ًّيا ما يكون‪ ،‬فالإنسان يغني ويرقص‬         ‫من كاسيتات السيارات الخاصة والمواصلات‬
                                                   ‫العامة‪ ،‬في المقاهي الشعبية والكافيهات الراقية‪،‬‬
                               ‫منذ الأزل‪.‬‬            ‫في النوادي والشواطئ ومحلات البقالة‪ ،‬وفي‬
   ‫والغناء شريك أساسي في كل تفاصيل حياة‬
   ‫البشر‪ ،‬فهم يغنون في الأفراح والأحزان على‬            ‫ورش النجارين والسمكرية‪ ،‬وحتى الفرد‬
    ‫السواء‪ ،‬وفي حفلات السبوع والطهور‪ ،‬وفي‬            ‫العادي السائر على قدميه يعلق سماعات في‬
    ‫العمل في الحقول والمصانع والورش‪ ،‬وكأن‬          ‫أذنيه ويستمع إلى الأغاني من هاتفه المحمول‪،‬‬
                                                   ‫وفي حالات متط ِّرفة تجد شخ ًصا ‪-‬أو جماعة‪،‬‬
     ‫الأغنية هي التعبير (الشعبي) عن الحالات‬
  ‫المتع ِّددة التي يمر بها الناس‪ ،‬أو كأنها تساعد‬        ‫لا فرق‪ -‬يشغل أغنياته المفضلة بصوت‬
   ‫في قضاء الحاجات أو تسهيلها‪ .‬ومما ُي ْد ِهش‬          ‫مرتفع مزعج ليفرضها على الآخرين‪ ،‬لأنه‬
 ‫أن لكل جماعة من الناس إيقاعاتها وموسيقاها‬         ‫يتصور أنها أجمل من أن تفوتهم‪ ،‬وأنه عليهم‬
 ‫المصاحبة لأغنياتها التي تميزها عن الجماعات‬             ‫أن يشاركوه متعته! لا فرق في الانجذاب‬
                                                        ‫إلى الأغنيات بين الكبير والصغير‪ ،‬الذكر‬
      ‫البشرية الأخرى‪ ،‬وإن كان تطور وسائل‬             ‫والأنثى‪ ،‬الأبيض والأسود‪ ،‬والغني والفقير‪،‬‬
       ‫الاتصال جعل الأغنيات تخترق محليتها‬            ‫حتى أنني أسأل نفسي أحيا ًنا باندهاش‪ :‬ما‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11