Page 18 - Jj
P. 18

‫العـدد ‪35‬‬   ‫‪16‬‬

                                                       ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

     ‫المرير من أجل إعلاء راية الفن «الجميل»‪ ،‬ومن‬             ‫إن الفيلم من إنتاج ‪ 4‬دول! وفي الوقت نفسه‬
 ‫أجل إعلاء اسم مصر في كافة بقاع الأرض‪ .‬وحتى‬                ‫يدور الحديث عن البساطة والعفوية والتكاليف‬
 ‫الآن‪ ،‬يكتبون اسم الجائزة التي حصل عليها الفيلم‬          ‫البسيطة‪ ،‬والممثلين «الغلابة» الذين يسألون «حق‬
‫بشكل خاطئ ومبالغ فيه باعتبارها الجائزة الكبرى‬           ‫النشوق» وعبقريتهم التي دفعت بالسينما المصرية‬
                                                       ‫إلى آفاق العالمية لأول مرة في التاريخ‪ ..‬أول مرة في‬
   ‫والأولى والاهم في تاريخ السينما العالمية‪ .‬أحيا ًنا‬  ‫التاريخ!!! بالضبط مثلما حصل يوسف شاهين على‬
     ‫يقولون جائزة‪ ،‬وأحيا ًنا يقولون جائزتين‪ .‬لكن‬       ‫جائزة مهرجان موسكو لأول مرة في التاريخ‪ ،‬بينما‬
     ‫الإجماع على أنها «الجائزة الكبرى في مهرجان‬
    ‫كان»‪ .‬أي أن الجمهورية الجديدة تحصد المراكز‬                ‫لم يعرض فيلمه أص ًل في المسابقة الرسمية!‬
‫الأولى وتكتب اسمها واسم أبطالها بحروف من نور‬
‫في الأرض والبحر والفضاء‪ ،‬على المجرات والكواكب‬                      ‫أين المشكلة؟!‬

                                       ‫والأقمار‪.‬‬          ‫لقد رحبت وزارة الثقافة بالفيلم وبصنَّاعه (هذه‬
                   ‫ميكروباص يوسف شاهين‪..‬‬                  ‫وزارة تعمل لدى الدولة!)‪ ،‬ورحبت هيئة الرقابة‬
     ‫ظللنا حوالي ‪ 60‬عا ًما نرقص لأننا حصلنا على‬            ‫بالفيلم وبصنَّاعه (وهذه أي ًضا هيئة تعمل لدى‬
      ‫الجائزة الكبرى في مهرجان موسكو عن فيلم‬             ‫الدولة)‪ ،‬وشارك الفيلم في مهرجان الجونة (وهذا‬
    ‫«جميلة»‪ .‬واتضح أن الفيلم لم يعرض أص ًل في‬          ‫مهرجان خاص ولكن تحت رعاية الدولة وإشرافها‬
  ‫المسابقة الرسمية‪ .‬لكن «جوبلز» الراقد في أعماقنا‬
‫وفي أعماق دولتنا المجيدة يؤكد لنا دو ًما أننا حصلنا‬           ‫وإشراف أجهزتها)‪ .‬فأين المشكلة؟! هل هي‬
                                                          ‫مشكلة ممثل مغمور وبائس؟! هل هي مشكلة ‪5‬‬
                                    ‫على الجائزة!‬          ‫ممثلين‪ ،‬نزل أحدهم ونفى علاقته‪ ،‬بينما وسائل‬
                      ‫ميكروباص عبد العاطي‪..‬‬             ‫الإعلام التابعة للمهرجان‪ ،‬ووسائل الإعلام التابعة‬
          ‫لسنا بحاجة إلى الحديث عن جهاز الكفتة‬         ‫للدولة‪ ،‬ووسائل التواصل الاجتماعي‪ ،‬لا تزال كلها‬
      ‫وفضائحه‪ .‬لكننا نريد أن نعيد إلى الذاكرة أن‬           ‫مصممة على حكي قصص وروايات على لسانه‪.‬‬
‫الدولة بثقلها الإعلامي والصحفي كانت وراء جهاز‬            ‫أما إيناس الدغيدي وهالة صدقي‪ ،‬فمن الممكن أن‬
  ‫الكفتة‪ .‬وبعد ذلك اتضح كل شيء‪ .‬أي أن المسألة‬           ‫نفاجأ بتصريحات أخرى على لسانيهما‪ .‬وبعد قليل‬
    ‫ليست تخرصات أو زعم أو ادعاءات من الناس‪،‬‬            ‫ستظهر تصريحات على لسان أحمد رزق‪ ،‬لنكتشف‬
      ‫وإنما الدولة ووسائل إعلامها هم الذين أكدوا‬
  ‫على موضوع الكفتة‪ .‬فمن يجرؤ على عدم تصديق‬                   ‫فجأة أننا أمام حادثة «ميكروباص الساحل»‬
                                                                                ‫بتفاصيلها وبحذافيرها!‬
                                        ‫الدولة؟!‬
                              ‫ميكروباص ناسا‬                 ‫نعود إلى محمد حفظي الذي ملأ الدنيا صيا ًحا‬
    ‫في عامي ‪ 2015‬و‪ 2016‬حتى وقتنا هذا‪ ،‬ظهرت‬              ‫وصرا ًخا‪ ،‬وتزامن صياحه و»معارضته السياسية‬
  ‫أخبار متتالية عن علماء مصريين شباب (مدارس‬
‫وجامعات) تكتب أسماؤهم على جبال القمر والمريخ‪،‬‬                 ‫الخلاقة!» مع «صحوة» عدد من الصحفيين‬
      ‫وتكرمهم وكالة «ناسا» بإطلاق أسمائهم على‬           ‫المحسوبين جي ًدا على أجهزة‪ ،‬وعلى لوبيات إماراتية‬
  ‫الكواكب والمجرات‪ ،‬وتطبع أعمالهم العلمية الكاملة‬      ‫وسعودية من جهة‪ ،‬ولوبيات لبنانية و»حزب إلهية»‬
‫في مجلدات بالملايين‪ .‬وتجري وسائل الإعلام معهم‬
  ‫العديد من اللقاءات‪ ،‬ويلتقون بالمحافظين والوزراء‬           ‫من جهة أخرى‪ ،‬ناهيك عن العاملين في وسائل‬
 ‫والمسؤولين‪ ،‬وتنسج حولهم أساطير لا يمكن حتى‬               ‫إعلام أجنبية ناطقة بالعربية‪ .‬هؤلاء الصحفيون‬
    ‫لأينشتاين أو راذرفورد أو فيرمي أو هيزنبيرج‬            ‫لا يتكلمون قبل أن يعرفوا مواطئ أقدامهم وبكم‬
  ‫أن يحلموا بربعها‪ ،‬ثم يربطون بينهم وبين الدولة‬        ‫ولماذا؟! كل هؤلاء الصحفيون والإعلاميون أصبحوا‬
‫الجديدة والجمهورية الجديدة والمنجز العلمي التقني‬
                                                            ‫فجأة جز ًءا من آلة الدعاية المضحكة والبائسة‬
                                                       ‫والمثيرة للسخرية‪ ،‬وكلهم سلطوا «أقلامهم الشريفة‬

                                                         ‫العفيفة» على الممثل البائس وربطوا ذلك بكفاحهم‬
   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23