Page 22 - Jj
P. 22

‫العـدد ‪35‬‬   ‫‪20‬‬

                                                     ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

      ‫من يقفون وراء كل هذه الميكروباصات كانوا‬           ‫ويخطفن الرجال من بعضهن البعض! وفي نهاية‬
      ‫يريدون تمرير فيلم ريش وتمرير فوز محمد‬            ‫المطاف يصبح من الطبيعي أن تطرح مبادرة حياة‬
  ‫حفظي منتج الفيلم‪ ،‬وتمرير رمزية دميانه نصار‬         ‫كريمة بيا ًنا لمساندة الفيلم ومساندة دميانه‪ ،‬وتؤكد‬
       ‫وتصفية الحسابات مع ممثلين وممثلات في‬            ‫على أزهى عصور الحريات والديمقراطية والإبداع‬
‫مهرجان الجونة‪ ،‬وتحسين صورة النظام السياسي‬             ‫من جهة‪ ،‬وعلى التنمية والإنجاز وإن خطط الرئيس‬
 ‫كرسالة إلى الخارج بالدرجة الأولى بصرف النظر‬
                                                        ‫شخصيًّا تتضمن تحسين حياة دميانه وأسرتها‬
                   ‫عن الواقع وعما يحدث بالفعل‪.‬‬        ‫وقريتها‪ ،‬وحياة مصر كلها‪ ،‬سواء داخل الأفلام أو‬
 ‫إن وجهة نظر النظام السياسي هي «إننا يمكن أن‬
  ‫ننظر إلى كل ما ذكر أعلاه وما يحدث في المجتمع‬                                              ‫خارجها!‬
 ‫حاليًا بطرق كثيرة ونفسرها بطرق أكثر‪ .‬أضعفها‬
‫هي نظرية «بص العصفورة» ذات الشعبية الواسعة‬                ‫ميكروباص العنتيل الشرعي‬

    ‫عند الطبقة الوسطى»‪ .‬وترتكز هذه الرؤية (إذا‬        ‫في ظل كل هذه الكوارث والميكروباصات والأوهام‬
       ‫صح أن نسميها رؤية) على أن نظرية «بص‬                ‫والغيبيات والتضليل الممنهج والمبرمج‪ ،‬ظهرت‬

‫العصفورة» موجود بالفعل ومرتبطة بضيق المجال‬            ‫«مسخرة» الشاب الذي قلب «الجمهورية الجديدة»‬
      ‫السياسي‪ ،‬وكانت معتمدة في عهد جمال عبد‬                ‫رأ ًسا على عقب‪ ،‬وملأ وسائل الإعلام المحلية‬

 ‫الناصر‪ ،‬ولكنها ليست معتمدة لدى النظام الحالي‪.‬‬        ‫والإقليمية والدولية بأخباره التي غطت على أخبار‬
  ‫ولكن أنصار هذه «الرؤية» لا يريدون أن يعترفوا‬       ‫السياسة والاقتصاد والحروب‪ ،‬والذي قام بالزواج‬
 ‫بأن «ميكروباص الساحل» لم يكن عصفورة وإنما‬
 ‫حقيقة وواقع‪ .‬وأنه لم يكن هناك أي ميكروباص!!‬              ‫من ثلاثة وثلاثين امرأة كمحلل شرعي بهدف‬
‫وإذا شئنا الحقيقة‪ ،‬فإن موضوع «بص العصفورة»‬            ‫إعادة تزويجهن لأزواجهن السابقين وفق مقولات‬
                                                     ‫يقولون إنها دينية وشرعية‪ .‬وهذه العملية يسمونها‬
   ‫يمتلك الحق في الوجود‪ ،‬لأنه ليس مجرد وسيلة‬
    ‫لإشغال الناس‪ ،‬ولكن لأنه يغيِّر ويب ِّدل أولويات‬      ‫في بلاد الشام بـ»التجحيش»! وهنا لا نستطيع‬
  ‫الناس‪ .‬كما أن موضوع الجونة من بداية الإعلان‬          ‫أن نتجاهل تورط أصحاب قنوات اليوتيوب الذين‬

        ‫عن حريق المكان‪ ،‬وخروج نجيب ساويرس‬                  ‫انساقوا بعفوية وسذاجة وانعدام خبرة وراء‬
‫بتصريحات جبارة عن الإرادة والعزيمة‪ ،‬ثم هوجة‬           ‫«ميكروباص المحلل الشرعي» الذي تم الترويج له‬
‫الافتتاح‪ ،‬وبعد ذلك جاء دور الفيلم وهوجة الخمس‬          ‫ليس أقل من ميكروباص عبد العاطي كفتة وفتاة‬
  ‫ممثلين وقيام القيامة أو الطوفان‪ .‬ثم تبدأ وسائل‬
 ‫الإعلام بالحديث وبالتدليس وباختراع تصريحات‬                               ‫ناسا وميكروباص الساحل‪.‬‬
                                                         ‫لقد استيقظ المصريون مجد ًدا على فيديو طويل‬
   ‫لم يصرح بها أحد‪ ،‬وبروز دور محمد حفظي في‬             ‫منتشر لصاحب أكبر عملية «تجحيش» في تاريخ‬
    ‫الفيلم قيد المشاكل‪ ،‬ثم يتضح أن وزيرة الثقافة‬         ‫مصر المعلن‪ ،‬يؤكد أن الأمر مزحة‪ ،‬وأن «المحلل‬
    ‫ومعها رئيس الرقابة ك َّرما القائمين على الفيلم‪،‬‬    ‫الشرعي» ليس محل ًل شرعيًّا وإنما ممثل مغمور‬
 ‫وبعدها نرى الإعلامي نشأت الديهي‪ ،‬ثم البرلمان‪.‬‬             ‫يسعى إلى الشهرة وحل أزماته المادية‪ ،‬فاتفق‬
   ‫وبعد قليل يختفي البرلمان وكأنه لم يكن أص ًل‪..‬‬         ‫مع منتجي ومذيعي إحدى القنوات التلفزيونية‬
 ‫كل ذلك يصنع مشهدية رائعة تعكس واق ًعا جدي ًدا‬            ‫الرسمية على إطلاق شائعة المحلل الشرعي أو‬
 ‫يسوده الانفتاح السياسي والمعارضة والانتقادات‬             ‫«التجحيش» هذه‪ .‬وكان من الواضح أن عملية‬
    ‫الجبارة والحادة والمتنوعة‪ .‬إننا ببساطة بصدد‬        ‫تبرئة المحلل الشرعي هي الفصل الثاني من نفس‬

       ‫حوار خلاق لم يحدث منذ ثورة عام ‪.1952‬‬                ‫الموضوع‪ ،‬حيث ظهر محامون ووكلاء نيابة‪،‬‬
      ‫من الممكن أن نطلق على كل ما جري «نظرية‬              ‫وتم تسريب أخبار وتصريحات‪ ،‬ولكن الوقت‬
‫المؤامرة» ونستريح‪ .‬وما جرى هو فع ًل ابن نظرية‬          ‫كان قد فات وأصبح الموضوع مم ًّل بالمقارنة مع‬
                                                       ‫«الميكروباصات الجديدة» في الجونة‪ ،‬خاصة وأن‬
   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27