Page 25 - Jj
P. 25

‫‪23‬‬        ‫إبداع ومبدعون‬

          ‫رؤى نقدية‬

                                                                        ‫أن نتعلم‪ .‬فدميانه هي ابنة اليوم‪،‬‬

                                                                        ‫وابنة قريتها وظروفها‪ ،‬وابنة‬

                                                                        ‫الطيبة والعفوية التي تعرضت‬

                                                                        ‫لضرر شديد على أيدي كائنات‬

                                                                        ‫تتسم بالخسة وخفة العقل‬

                                                                        ‫ولديها إحساس عارم بالدونية‪.‬‬

                                                                        ‫إن فساد العقل يظهر بجلاء‬

                                                                        ‫عندما يعود المختلون بنا إلى‬

                                                                        ‫الوراء لأكثر من سبعين سنة‬

                                                                        ‫مضت ويقولون إن سعاد حسني‬

                                                                        ‫كانت غير متعلمة وتحية كاريوكا‬

                                                                        ‫كانت غير متعلمة‪ ،‬ولكنهما تعلمتا‬

                                                                        ‫وصارتا نجمتين! إننا نعود من‬

                                                                        ‫جديد لنجتر الماضي ونسحبه‬
                                                                        ‫إلينا ليصبح حاض ًرا ومستقب ًل‪،‬‬
‫ولاء جاد‬  ‫نجيب ساويرس‬                                       ‫مصطفى بكري‬      ‫أو نعود إلى الماضي لنعيشه‬

                                                                        ‫ونأخذ معنا أجمل وأطيب ما فينا‬

‫دميانة ولا الفيلم ولا مخرج الفيلم‪ .‬وفي العام المقبل‬         ‫«دميانه» لندفنها فيه!! إنه العقل السلفي بامتياز‪،‬‬

           ‫لن يسمع عنهم أحد‪ .‬فهؤلاء هم إحدى عجلات‬           ‫والعين المعطوبة إلى آخر مدى! لقد أدت دميانه‬
          ‫«ميكروباص الجونة»! لقد حاز مخرج الفيلم على‬
                                                             ‫دو ًرا في فيلم من الدرجة الثانية (حسب تصنيفات‬
                                                            ‫مهرجان «كان» نفسه) حصل على جائزة متواضعة‬
          ‫جرى تضخيمها والنفخ فيها من أجل خلق تابوهات إعجاب الكثيرين عندما ظهر في مؤتمر صحفي في‬
‫وأوهام وأساطير جديدة صالحة للتنميط والعبادة‪ .‬الجونة‪ .‬وربما يكون هذا الظهور هو الشيء الوحيد‬
          ‫الواقعي والحقيقي الذي يمكن الاستناد إليه بعي ًدا‬
                                                            ‫إن دميانه‪ ،‬في حقيقة الأمر ووفق قوانين الفن‪ ،‬لم‬
          ‫تقم بتمثيل أي شيء أو بأداء أي دور‪ ،‬وإنما قدمت عن الغيبيات والتدليس واختراع الأخبار ونشرها‬
          ‫حالتها التي تعيشها (بشهادتها وبشهادة المخرج)‪ ،‬في واحدة من أحط الحملات الدعائية في السنوات‬
          ‫الأخيرة‪ .‬لقد قال مخرج الفيلم عمر الزهيري إنه‬
          ‫تعمد أن يختار شخصيات لا علاقة لها بالتمثيل‪،‬‬       ‫فلماذا يريدون إلباسها ردا ًء غير ردائها ويمنحونها‬
                                                            ‫النجومية ويقارنونها بنجوم العالم ونجوم هوليود‪،‬‬
          ‫أهذا هو الفن؟! دميانه لم تفز بأي جائزة‪ :‬لا جائزة وليسوا ممثلين أص ًل‪ ،‬لأنه كان يريد أن يركز على‬
          ‫الفكرة وعلى الموضوع‪ .‬وقال أي ًضا إن الممثلين غير‬
                                                            ‫تمثيل ولا جائزة إخراج ولا جائزة رقص‪ .‬وإنما‬
          ‫فاز الفيلم في مسابقة على هامش المهرجان‪ .‬فما ذنب دارسين وليسوا ممثلين أص ًل‪ .‬ورأى أنه نجح‬
          ‫في تنفيذ عمله وتحقيق رؤيته بهؤلاء «الناس»‪،‬‬
                                                            ‫دميانه لكي يتم تجهيزها لتصبح ضحية؟! لكن لا‬
          ‫لأنه كان لديه فكرة معينة ورؤية معينة ليست‬
                                                            ‫أحد يهتم بابنة دميانه التي تمثل المستقبل وتعمل‬
          ‫بحاجة إلى ممثلين محترفين بقدر ما كانت بحاجة‬       ‫فع ًل بالتمثيل‪ .‬فهل فكروا في أن يرعوها في معهد‬

          ‫السينما أو المسرح‪ ،‬ويمنحوها العلم والأداة لتصبح إلى أدوات قابلة للتحريك والاستفادة من عفويتها‬

          ‫ممثلة ترتدي ثيا ًبا جيدة وتعتني بمظهرها وبثقافتها وعدم اهتمامها بسرقة الكاميرا أو الاهتمام بنفسها‬
          ‫أمام الكاميرا‪ .‬إن كلام المخرج نفسه أنهي الكثير‬    ‫وبعقلها وبحريتها قبل كل شيء‪ ،‬لكي لا تصبح‬

          ‫من الضلالات والأكاذيب والمبالغات بشأن دميانه‬                  ‫مثل أمها في الواقع وفي السينما؟!‬

          ‫وغيرها‪ ،‬وكشف المدلسين والأفاقين الذين يلعبون‬      ‫بعد انفضاض مهرجان الجونة‪ ،‬لن يتذكر أحد لا‬
   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30