Page 28 - Jj
P. 28

‫العـدد ‪35‬‬   ‫‪26‬‬

                                                      ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

 ‫وحلوان وفي مصر والكونغو وأم درمان‪ .‬وبالتالي‪،‬‬         ‫وحاضرنا ومستقبلنا‪ ،‬وهم النمط والنموذج والمثال؟!‬
‫فكوب من اللبن ومعاش وكسرة خبر يمثلون نهضة‬
                                                                ‫بعد تسريب الفيلم‬
                       ‫اقتصادية واسعة النطاق!!‬             ‫وتحويل دميانه إلى قديسة‬

 ‫أزمة العقل المعطوب‬                                       ‫شاهدنا الفيلم‪ .‬وتوارت دميانه خلف الكواليس‬
‫وكوارث تأويل الرموز‬                                        ‫تمهي ًدا لنقلها إلى خلفية أبعد‪ .‬برز اسم المخرج‬
                                                        ‫كأعظم مخرج مصري إلى الآن‪ .‬ثم توارى المخرج‬
‫بعد التوجه الغريب في استعادة تحية كاريوكا وليلى‬            ‫ليصبح الفيلم هو البطل‪ .‬وتم وضع الفيلم على‬
                                                        ‫أرضية «النقاشات البيزنطية المصرية»‪ .‬ثم جروه‬
‫مراد وسعاد حسني وبديعة مصابني وأم كلثوم‬                 ‫ليصبح إحدى حلقات الميكروباصات الصغيرة في‬
                                                        ‫ميكروباص الدولة الكبير‪ .‬هذا الكلام لا علاقة له‬
‫بثيابهن وتسريحات شعورهن ومحاولات المقارنة‬              ‫لا بمخرج الفيلم ولا بدميانه لأن هذين الشخصين‬
                                                        ‫هما آخر َم ْن يمكنه أن يعرف أو يفهم ماذا حدث‪.‬‬
‫بينهن وبين ممثلات مهرجان الجونة‪ ،‬والسعي‬                    ‫في نهاية المطاف الدولة ومؤسساتها‪ ،‬وخاصة‬
                                                          ‫الرقابة‪ ،‬كرموا الفيلم وأصدروا بيا ًنا اقتصاد ًّيا‪،‬‬
‫الدائم لجرنا إما إلى الماضي لنعيش فيه‪ ،‬أو جر‬
                                                               ‫يتضمن إشادة بانفتاح الأجواء السياسية‬
‫الماضي إلينا ليصبح حاضرنا ومستقبلنا‪ ،‬ظهر‬                   ‫وبالحريات وبحراك ديمقراطي وفني‪ .‬والأهم‬
                                                         ‫من كل شيء أن خطط الرئيس تسير في طريقها‬
‫التوجه الخطير الثاني حول معجزات محمود عباس‬               ‫الصحيح لإصلاح أوضاع الفقراء وأبطال الفيلم‪،‬‬
‫العقاد وزينات صدقي والمثَّال عبد البديع عبد الحي‬         ‫سواء في الواقع أو في الفيلم‪ .‬وأن مصر تنعم في‬
                                                            ‫الوقت الراهن بانفتاح سياسي وفني والنظام‬
‫لمحاولة تمرير الممثلة المصرية «العالمية» دميانه‬        ‫السياسي يشجع الفنون والمناقشات حول الفنون‪،‬‬
                                                      ‫ولكن الأجواء لا تخلو من بعض المتزمتين من أمثال‬
‫(أم ماريو) كنموذج ونمط ومثل أعلى‪ ،‬وأن الفن لا‬          ‫شريف منير أو من بعض الملتزمين الذين يفضلون‬
                                                      ‫أن يروا ممثلات مصر في المهرجانات بملابس تشبه‬
‫يلزمه لا تعليم ولا قراءة ولا كتابه من أجل وضعها‬          ‫ملابس سعاد حسني وليلى مراد أو بملايات لف‬
                                                       ‫مثل تحية كاريوكا‪ .‬لكن تم فتح الفضاء السياسي‪،‬‬
‫في سياق طليعي وتاريخي معين‪ .‬عل ًما بأن البعض‬                 ‫وحاليًا يتم تطوير العشوائيات وحل مشاكل‬
‫أشار أي ًضا إلى أنها تفوقت على زينات صدقي‬               ‫الفقراء‪ .‬وهذا الكلام موجود في بيان مبادرة حياة‬
                                                            ‫كريمة الذي يشيد بالفيلم وبإجراءات وجهود‬
‫والعقاد وعبد البديع عبد الحي‪ ،‬لأنها جاءت لمصر‬          ‫سيادة الرئيس في القضاء على الفقر وإثراء الفقراء‪.‬‬
                                                        ‫وبعد مشاهدة الفيلم و»مشاهد» الفقر السيريالي‪،‬‬
‫بأكبر جائزة عالمية في أكبر مهرجان عالمي عن أعظم‬        ‫فإن الرئيس عندما يصرف معا ًشا لمثل هذه البطلة‬
                                                         ‫أو يمنح أولادها كو ًبا من اللبن‪ ،‬فإنه يكون بذلك‬
‫فيلم مصري رفع رأس مصر بين الأمم!‬                         ‫قد قام بجهود بطولية تاريخية وبنقلة اقتصادية‬
                                       ‫لقد ُولِ َد‬       ‫للقضاء على الفقر‪ .‬فنحن شاهدنا في الفيلم الذي‬
 ‫عباس العقاد قبل ‪ 132‬سنة‪ .‬وزينات‬       ‫صدقي‬               ‫أوجع قلوب الملايين في مصر وفي فرنسا‪ ،‬كيف‬
‫ُولِ َدت قبل ‪ 108‬سنة‪ .‬وعبد البديع عبد‬                 ‫يعيش الفقراء السيرياليين في العالم كله وفي التبين‬
‫الحي ُولِ َد قبل ‪ 105‬سنة!! فهل يمكن أن نعتقد أن‬
‫هذا أمر عادي وطبيعي ومن الممكن أن يتكرر في‬

‫العصر الرقمي وفي وسط تطور المعارف والعلوم‬

‫والفلسفات؟! وحتى إذا كان هناك ‪ 10‬نماذج مثلا‬

‫من تلك النماذج أعلاه‪ ،‬وردت علينا منذ قرن‪ ،‬هل‬
‫من المنطقي والطبيعي أن تتكرر وتصبح نم ًطا‬
‫ونموذ ًجا ومثا ًل لطي ًفا من أجل الاقتداء والتمجيد؟!‬
‫وهل حجم المعلومات وكمية المعارف الموجودة حاليًا‬
‫يمكن أن تسمح لأي أحد أن يخوض في أي مجال‬

‫بالموهبة من دون أن يفك الخط أو تكون لديه أي‬

‫خبرة في مجال عمله؟!‬
‫يبدو أن دميانه (أم ماريو) قد حطمت المنطق فع ًل‪،‬‬

‫وأثبتت أن كل هذا ممكن «بعون الله» وبموهبتها‬

‫العفوية المصرية الأصيلة‪ .‬بل وحطمت فكرة‬
   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33