Page 31 - Jj
P. 31
29 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
محمود الغيطاني
ريش ..عبثية أن تأخذ الأمور
على محمل الجد!
إن فيلم «ريش» لل ُمخرج المصري عمر الزهيري من الأفلام الجديدة التي
ُتقدم رؤية فنية موغلة في ذاتيتها والخاصة من خلال عالمها ال ُمغلق
وال ُمحكم في إغلاقه حتى أننا لا يمكن لنا تلقيه من خلال العالم الخارجي
عليه ،بل من خلال ُمفرداته الداخلية فقط ،كما لا يفوتنا أن ال ُمخرج لا
يعنيه في صناعة فيلمه سوى عالمه الذي يراه من خلال رؤيته الخاصة،
وأسلوبيته التي يرى أنها الأنسب لصناعة السينما كفن له فرادته ،أي
أنه لا يعنيه الجمهور بقدر اهتمامه بالصناعة كما يراها.
حيث يمثلون جبهة قوية و ُمتلاحمة من أجل الدفاع هذا فيل ٌم ُمنف ٌر ،وكئي ٌب ،وقات ٌم ،ولا يمكن له أن
عن ُمعسكرهم النمطي التقليدي ،والكلاسيكي،
يكون فيل ًما!
والثقافي ،وربما التجاري -أي ًضا -الذي لا يرون من الطبيعي والمُستساغ انطلاق مثل هذه
غيره في صناعة السينما التي يقدمونها؛ فهم لا
يعرفون السينما إلا من خلال نمطهم السائد الذي التوصيفات ،والشعور بها بصدق حقيقي -لا ادعاء
نشأوا عليه ،وكرسوا له لعشرات من السنين،
أو كذب فيه -من قبل جمهور السينما غير الواعي
وبالتالي لن يقبلوا أي شكل آخر من أشكال بها كفن له أسلوبيته التي من المُمكن الانطلاق
الصناعة مهما كانت أهمية الأسلوبية الجديدة
التي يواجهونها؛ لأنهم يدافعون ،في حقيقة الأمر، والتحليق بها إلى آفاق رحبة لا سقف يحدها ،أي أن
عن تاريخهم ،ووجودهم؛ أي أن الرأي هنا بمثابة المُشاهد الباحث عن السينما التي تزجي من وقت
الدفاع عن الذات التي سينتفي وجودها إذا ما
وافقوا على أي شكل جديد من أشكال الصناعة! فراغه ،وتدفع عنه الملل ،صادق كل الصدق ،ولا
رغم ذلك ،ثمة زاوية ثالثة لا بد من تأملها والتوقف
يمكن لنا إنكار ذوقه أو مثل هذه التوصيفات عليه
أمامها طوي ًل ،وهي رؤية المُشاهد والصانع
السينمائي والناقد الواعي بمفهوم وجوهر صناعة حينما يطلقها على فيلم «ريش» Feathersلل ُمخرج
السينما كفن قادر على التحليق في كافة الاتجاهات، المصري عمر الزهيري.
والأساليب السينمائية المُختلفة ،إنها الرؤية لكن ،لم لا ننظر للأمر من زاوية ثانية؟
السينمائية الخاصة ج ًّدا -والتي تخص صانعها هذا فيل ٌم ُمشو ٌه ،وناق ٌص ،و ُمرتب ٌك ،وغير ُمكتمل
فقط ،لا الجمهور -والتي يرى من خلالها صانع فنيًّا ،و ُمخرجه لا يعرف أين من المُمكن له أن يضع
قدميه بعد!
هذه التوصيفات من الطبيعي سماعها وتقبلها،
أي ًضا ،من عدد لا ُيستهان به من العاملين في
صناعة السينما -سواء كانوا ُصنَّا ًعا ،أو نقا ًدا-