Page 36 - Jj
P. 36
العـدد 35 34
نوفمبر ٢٠٢1
الدجاجة؛ مما ُيدلل على انكفائها في عالمها الخاص، نصار قد أدت دورها في الفيلم كما هو مرسوم لها
واستكانتها الكاملة للانفصال عما يدور من حولها! تما ًما ،وبنجاح حقيقي استطاعت من خلاله إقناعنا
يعطيها الساحر الجديد زجاجة فيها سائل ما، بموقفها كزوجة تعاني من حياة جحيمية.
ُموصيا إياها بسكب قدر منه للدجاجة حينما تضع أثناء حفل عيد الميلاد ،وفقرة الساحر الذي أتى به
لها طعامها ،لكن يبدو أن هذا السائل كاد أن يقتل
الزوج ،يقنعه الساحر بدخول صندوقه من أجل
الدجاجة التي دخلت عليها الزوجة لتجدها وقد إحدى الحيل السحرية ،وحينما يفتح الصندوق
أخرجت ما في جوفها بينما تتنفس بصعوبة في حالة مرة أخرى ُنفاجأ بأنه قد ح ّول الزوج إلى دجاجة
-في إحالة منه على رواية المسخ والعالم الكابوسي
موات. لدى الروائي التشيكي فرانز كافكا -أي أن المُخرج
ُتسرع الزوجة بالدجاجة إلى الساحر الذي يشير هنا يوغل في كابوسية عالمه -الذي بدأه كابوسيًّا
بمشهد الانتحار -بالجنوح باتجاه السيريالية
عليها الاتجاه إلى أقرب مشفى ،وهناك يحاول الكابوسية التي ستزيد من قتامة هذا العالم المُغلق،
الطبيب البيطري علاجها وإنقاذها من الموت، ولعلنا ُنلاحظ أن الزوج حينما تحول إلى دجاجة على
لكنه يطلب منها 300جنيه ُمقابل العلاج ،وأحد يد الساحر قام المُخرج بتركيز الكاميرا على وجه
الأجهزة التي أشار عليها وضع الدجاجة داخلها الزوجة التي رأينا رد فعلها حياد ًّيا تما ًما ،غير ُمعبر
لمُدة زمنية ،حينها لا تجد منا ًصا من الاستعانة عن أي شيء؛ فالعالم هنا لا يخصها وغير ُمرتبطة
مرة أخرى بجارهم الذي يحاول رعايتها والذي
يمنحها المال دائ ًما باحثًا معها عن الساحر الذي به ،كما أن الزوج المُتسلط لا يعنيها في شيء.
ح ّول الزوج ،وبالفعل يحضر الرجل ويدفع المبلغ، يحاول الساحر إعادة الزوج إلى طبيعته لكنه يفشل
بل يعطيها المزيد من المال أي ًضا من أجل إيصالها لسبب ما في عكس السحر ،أي أن الزوج هنا انحبس
إلى بيتها ،أي أن الزوج هنا قد تحول بالنسبة إليها
إلى عبء ُمضاف لا بد لها من رعايته ،والاهتمام في هيئة دجاجة ولا يمكن له العودة إلى أصله
به ،وإطعامه ،مما يعني أن الزوج /الرجل حتى بعد الإنساني مرة أخرى! وحينما يفقد الساحر الأمل في
تحوله ما زال هو الفرد الأول في الأسرة الأكثر
إمكانية إعادة الزوج مرة أخرى يسرع بالفرار هو
تدلي ًل وتطلُّبًا داخل الأسرة! و ُمساعده ليختفي تما ًما تار ًكا للزوجة زوجها الذي
ربما لا بد لنا من التوقف هنيهة لتأمل العالم
الذي ألقى به المُخرج شخصية الزوجة بعد تحول تحول إلى دجاجة.
الزوج إلى دجاجة؛ فالعائل الوحيد للأسرة -رغم هنا تبدأ الأزمة الحقيقية في أحداث الفيلم ،وربما
شحه وعدم مسؤوليته وقسوته -تم فقده وتحول هي رحلة التحرر التي تحاول من خلالها الزوجة
إلى عبء ُمضاف ،وهو ما جعل الزوجة تقوم
بدور العائل ومواجهة الحياة للمرة الأولى ،مما إعادة زوجها إلى ما كان عليه ،فض ًل عن إعالة
يعني ضرورة المُحافظة على حياة الأطفال الثلاثة، أسرتها الصغيرة في غيابه .يحاول أحد الجيران
وإطعامهم ،بالإضافة إلى الدجاجة /الزوج أي ًضا، -الذي يبدو عليه أنه ُيتاجر في أشياء مسروقة-
بل ومحاولة البحث عمن يعيده إليها مرة أخرى، ُمساعدة الزوجة ،بل ويعطيها غير مرة بعض المال،
كما أنها وجدت نفسها فجأة غارقة في الديون ويبدأ في ُمساعدتها من أجل العثور عن الساحر
و ُمهددة بالطرد من الشقة البائسة بسبب امتناعه لإعادة الزوج ،لكنهما حينما يفشلا في العثور عليه
عن دفع الإيجار فيما سبق؛ وهو ما يجعل إدارة تأتي الزوجة بساحر آخر ليصحح ما فعله زميله
الإسكان تتحفظ على الثلاجة والغسالة والتليفزيون، السابق ،ورغم اهتمامها بإعادة الزوج المُتسلط
والكاسيت ،أي أنهم يجردونها من كل ُسبل الحياة مرة أخرى إلا أن المشهد الذي رأيناها فيه بجوار
تماما! ورغم أنها تحاول -على قدر استطاعتها- الساحر الجديد جالسة في الح ّمام هو مشهد دال
البحث عن مخرج من مأزقها الوجودي الذي على أنها لا يعنيها ما تفعله ،لكنها ُمضطرة لفعله
من أجل أبنائها فقط؛ حيث نراها ُمنكمشة على
ذاتها ،غير ُمبالية بالالتفات إلى ما يفعله بزوجها/