Page 37 - Jj
P. 37

‫من خلال هذه الحياة التي تبدو‬                                                  ‫داود عبد السيد‬

     ‫جحيمية بالنسبة للزوجة نستطيع‬                           ‫وجدت نفسها فيه بعد تح ّول الزوج ب ُمساعدة‬
                                                               ‫جارها الذي يدفع لها ببذخ يجعلنا نتساءل‬
‫فهم سلوك الزوجة ال ُمنفصل‪ ،‬وحيادية‬
                                                           ‫عن السبب‪ ،‬إلا أننا سنعرف فيما بعد أن الجار‬
‫ملامحها التي لا حياة فيها‪ ،‬وتعاملها‬                          ‫إنما يرغب فيها‪ ،‬أي أنه في حالة ُمقايضة على‬

 ‫مع زوجها وأبنائها وكأنها لا تنتمي‬                      ‫جسدها في ُمقابل ما يقدمه إليها من مال والوقوف‬
                                                        ‫إلى جانيها‪ ،‬وهو الأمر الذي ترفضه الزوجة؛ حيث‬
      ‫إليهم‪ ،‬والتزامها بالصمت الدائم‪،‬‬
                                                                                            ‫تهرب منه‪.‬‬
    ‫وعدم رؤيتنا لها تبتسم مرة واحدة‬                      ‫كما لا يمكن أن يفوتنا أن الفيلم بعد تح ّول الزوج‬
                                                          ‫قد اتخذ شكل الرحلة ‪-‬رحلة محاولة البحث عن‬
 ‫على طول أحداث الفيلم اللهم إلا مرة‬
                                                          ‫عمل‪ ،‬واستعادة الزوج مرة أخرى‪ -‬وهو القالب‬
   ‫واحدة حينما رأت الرجل الذي يرقص‬                        ‫الذي لا بد له أن يذكرنا في وجه من وجوهه ‪-‬لا‬
                                                          ‫سيما مع إغلاق العالم الفيلمي تما ًما‪ ،‬وغرائبيته‪،‬‬
       ‫ُمقل ًدا النساء في صالة البلياردو !‬                ‫وانفصاله التام عما هو خارج عن إطاره‪ -‬بفيلم‬
                                                       ‫«البحث عن سيد مرزوق» لل ُمخرج داود عبد السيد‬
   ‫ثراؤه‪ -‬جال ًسا ليتناول الكوكاكولا‪ ،‬وحينما يرحب‬        ‫مع الفارق الشاسع بين الفيلمين‪ -‬وإن ظل قالب‬
 ‫بها يطلب لها الكوكاكولا أي ًضا عار ًضا عليها بسخاء‬     ‫الرحلة الغرائبي‪ ،‬وانغلاق العالم الفيلمي يربط بين‬
  ‫تناول الطعام الذي لم يكن سوى «السميط»! أي أن‬
                                                                                   ‫الفيلمين من جهة ما‪.‬‬
    ‫الثراء هنا لجميع شخصيات الفيلم هو في جوهره‬            ‫يبدو العالم بالكامل من حول شخوصه الفيلمية‬
   ‫الفقر الحقيقي‪ .‬يعرض عليها صاحب المكان العديد‬           ‫عالمًا غار ًقا في البؤس والفقر الشديدين‪ ،‬حتى أن‬
                                                        ‫شخصياته الأكثر غنى ‪-‬الجار‪ ،‬وأصدقائه‪ -‬ليسوا‬
       ‫من الصور لمجموعة من الأشخاص‪ ،‬ربما تجد‬             ‫سوى مجموعة من الفقراء البائسين الأعلى درجة‬
        ‫الساحر بينهم لكنها تؤكد له بأنه ليس منهم‪.‬‬         ‫بسيطة من عالم الزوجة المُدقع‪ .‬يتوجه الجار مع‬
    ‫تحاول الزوجة العمل مكان زوجها في المصنع من‬         ‫الزوجة إلى أحد الأماكن المجهولة التي يلعب روادها‬
    ‫أجل إعالة أولادها ودجاجتها‪ /‬زوجها‪ ،‬لكن ُمدير‬       ‫البلياردو‪ ،‬وهناك نرى صاحب المكان ‪-‬من المُفترض‬
    ‫المصنع يؤكد لها أن القانون يمنع عمل النساء في‬
       ‫المصنع‪ ،‬لكنه في المُقابل يؤكد لها بأن ابنها من‬
    ‫المُمكن له العمل مكان أبيه كي يعطيها ُمستحقاته‬
       ‫المالية وراتبه‪ ،‬في تناقض عنيف بين منع عمل‬
       ‫النساء الذي يمنعه القانون‪ ،‬لكنه يسمح بعمل‬

                 ‫الأطفال الذي يمنعه القانون أي ًضا!‬
        ‫توافق الزوجة على عمل الابن مكان أبيه‪ ،‬كما‬
     ‫تبحث عن عمل يساعدها على الحياة و ُمتطلباتها‪،‬‬
      ‫فتعمل خادمة في أحد القصور لامرأة مجهولة‪،‬‬
      ‫ولعل المُخرج كان حري ًصا على بيان مدى البذخ‬
    ‫الذي يعيش فيه الأغنياء في تناقض صارخ؛ حيث‬
   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42