Page 38 - Jj
P. 38
العـدد 35 36
نوفمبر ٢٠٢1
و ُتحممه ،وتأتي له بالأطباء -عبء مالي ُمضاف يذبحون عج ًل كام ًل ليخزنوا لحمه في الثلاجة،
عليها ،فض ًل عن العبء المعنوي -و ُتساعده على ونتيجة لحاجة الزوجة وفقرها الشديد ،ولرغبتها
الطعام بوضعه له في فمه ،وتحلق له شعره ،لكنه في إعالة أبنائها تضطر إلى سرقة القليل ج ًّدا من
يظل ُمجرد جسد لا حياة فيه ،يحتاج للرعاية فقط قطع اللحم ،وقطعة من الجبن ،ونصف برطمان من
لا سيما وأنه يبول على نفسه أي ًضا ،بما أنه غائب المربى ،وعدة قطع من الشيكولاته من أجل إطعام
أولادها ،لكن كلب الحراسة يضبطها؛ الأمر الذي
عن العالم. يجعل المرأة تطردها بقسوة ،بل كادت أن تسجنها
هل يمكن إنكار أن الفيلم بمثل هذا المفهوم الذي بسبب هذه السرقة ،ورغم أن ما سرقته الزوجة
نراه ،ومثل هذه المُعاناة التي تعاني منها المرأة بعد لا يمكن له أن يكفي وجبة كلب الحراسة ،إلا أن
تح ّول واختفاء الزوج ،هو فيلم نسوي بامتياز؟ صاحبة القصر لا تشعر نحوها بالشفقة أو الرحمة
إنه فيلم يهتم بالمرأة ،ويتعاطف معها ،وينقل وتتعامل معها بقسوة واحتقار ُمتناهيين!
ُمعاناتها في ُمقابل عبث الرجال وقسوتهم، يخبرها صاحب المصنع بأنه في حاجة إلى محضر
رسمي باختفاء الزوج من أجل صرف ُمرتبه للابن
وصلفهم ،ولهوهم ،أي أن المُخرج يرغب في التأكيد
على أن المرأة ،هنا ،هي أصل كل الأشياء مهما كانت بد ًل منه ،لكنها حينما تتوجه إلى نقطة الشرطة
البائسة لعمل المحضر ُتفاجأ بوجود زوجها داخل
ُمعاناتها ،ورغم هذه المُعاناة فهي تقبل بتحمل النقطة ُمجرد جثة هامدة لا تتحرك أو تتحدث؛ حتى
مسؤولية كل من يحيطها حتى لو كان الزوج/ أن رجال الشرطة يجرونه على الأرض كجوال من
الجلاد الذي أدى بها إلى مثل هذا المأزق /المُعاناة القاذورات ُمخبرين إياها بأنه قد جاء إلى النقطة مع
التي لم يكن لها القدرة على تحملها؛ فهي تحاول مجموعة من المُشردين ،كما أنه لم يتحرك أو يتكلم
العمل من أجل أولادها ،ولم تتخل عن الزوج ُمنذ دخل نقطة الشرطة.
المُتسلط سواء في صورة دجاجة أو في صورة ألا ُنلاحظ هنا المزيد من الأعباء على الزوجة التي
جثة بالية ،ولعلنا لا ننسى المشهد الذي رأيناها باتت ُمطالبة برعاية زوج هو ُمجرد جثة ،فض ًل
فيه تشتري قطعتي جاتوه من أجل ولديها حارمة عن الدجاجة التي هي في نظرها تحمل روح زوجها
نفسها من تذوقه ،حيث يتناوله طفلاها أمامها بينما
تتأملهما شاعرة بالكثير من الرضى لسعادتهما .إن داخلها ،بالإضافة إلى أولادها ،وضرورة سداد
تحمل المرأة للمسؤولية الصعبة كان بمثابة رحلة الإيجار المُتأخر عليها؟
للتحرر رغم المُعاناة ،التحرر من ال ُسلطة الأبوية/
الزوج ،وقهره لها ،وشحه ،وعبثيته؛ لذا حينما تحاول المرأة البحث عن عمل جديد؛ فتعمل في أحد
تفقد الأمل في عودته إلى الحياة مرة أخرى نراها المحال لبيع السيراميك ،ويحاول الجار ُمطاردتها
ترفع من صوت التلفاز إلى درجة كبيرة ج ًّدا -حيث والتهجم عليها في شقتها ُمطالبًا إياها بأمواله التي
نستمع إلى ألحان أغنية حكايتي مع الزمان لوردة كان قد أعطاها لها في ُمقابل جسدها ،لكنها حينما
في إسقاط واضح على حياة الزوجة -وتتجه إلى
الغرفة التي يرقد فيها الزوج لتضع الوسادة على رفضت الانسياق إليه حاول معها بطلب ماله
وجهه إلى أن يلفظ أنفاسه تما ًما ،بل وتقوم بذبح والرغبة في استرداده ،هنا ُتخبر الزوجة صاحب
الدجاجة وطهيها لتقدمها إلى أطفالها كوجبة لذيذة! العمل بأنها في حاجة إلى ُمساعدته لإنقاذها من هذا
أي أن الزوجة حينما تأكدت أنها قد تحررت من الجار؛ الأمر الذي يجعل رجاله يوسعونه ضر ًبا
الزوج الذي لم يعد له أي فائدة في الحياة ،بل بات
عبئًا كبي ًرا عليها وعلى أطفالها ،تخلصت منه ومن للابتعاد عن طريقها وعدم ُمضايقتها.
روحه /الدجاجة التي رأت أنها أكثر فائدة لطفليها ترعى الزوجة زوجها الذي تحول إلى جثة استشرت
وتغذيتهما! فيها الجروح والقروح ،كما ُنلاحظ أن ثمة جرح
إن فيلم «ريش» لل ُمخرج المصري عمر الزهيري كبير يعاني منه مكان الكلية -ربما في إحالة من
المُخرج أن ثمة من سرق كليته من تجار الأعضاء
البشرية -كما نراها تنظفه ،وتغير له ملابسه،