Page 39 - Jj
P. 39
37 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
و ُموسيقى ُمبهجة ،و ُمتناقضة تما ًما مع العالم من الأفلام الجديدة التي ُتقدم رؤية فنية موغلة في
الفيلمي ،وهو الأمر الذي يوحي لنا بالسخرية ذاتيتها والخاصة من خلال عالمها المُغلق والمُحكم في
غير المُباشرة من صانع الفيلم؛ فرغم البؤس الذي إغلاقه حتى أننا لا يمكن لنا تلقيه من خلال العالم
نغرق فيه معه إلا أن كل المُوسيقى المُستخدمة هي الخارجي عليه ،بل من خلال ُمفرداته الداخلية فقط،
ُموسيقى ُمبهجة تدعو للتفاؤل وحب الحياة ،لا كما لا يفوتنا أن المُخرج لا يعنيه في صناعة فيلمه
سيما أن الفيلم ينتهي بأغنية شديدة البهجة توحي سوى عالمه الذي يراه من خلال رؤيته الخاصة،
وأسلوبيته التي يرى أنها الأنسب لصناعة السينما
ببداية حياة جديدة خالية من الأعباء من أجل
كفن له فرادته ،أي أنه لا يعنيه الجمهور بقدر
إصلاح ما أفسده الزوج سابقا حيث نسمع فيه اهتمامه بالصناعة كما يراها .إنه فيلم عن التحولات
جملة أه ًل بالحياة. -تحول الزوج إلى دجاجة في عالم كافكاوي بائس،
وتحول الزوجة إلى الحرية في رحلة إعالتها لأسرتها
لكن ،لا يمكن لنا تجاهل الخطأ الفادح الذي وقع
فيه المُخرج عمر الزهيري ،وهو الخطأ ،أو الحدث واستعادة الزوج -لذلك كانت الأنماط التي لجأ
إليها المُخرج -السيريالية ،والواقعية ،والعبثية-
الذي لم يلجأ إلى تفسيره ،ولن نعرف سببه أب ًدا، ُمتناسبة تما ًما مع تحولاته -رغم أن العالم الفيلمي
وهو ما جعلنا نتساءل حتى بعد انتهاء أحداث لا يتحول إلى الأفضل بل يظل غار ًقا في بؤسه من
دون أي أمل في المُستقبل -لذا فإن إطار الصورة
الفيلم ونزول التيترات :إذا كان الزوج قد تح ّول الشاذ -أو الذي قد يبدو شا ًّذا -هو إطار يتناسب
بالفعل إلى دجاجة؛ فمن أين أتت جثته التي عثرت تما ًما مع شذوذ العالم الفيلمي الذي رغب المُخرج
في تأمله ،وإن كان قد أعطى المُخرج والمُشاهد م ًعا
عليها الزوجة في نقطة الشرطة ،وما تفسير ذلك؟ الفرصة لرؤية الأموال المُهترئة -أموال الفقراء التي
تتناسب مع العالم المُهترئ الذي رأيناه -وحركة
هل اختطفه الساحر بحيلة ما لل ُمتاجرة بأعضائه
-كليته -مما يعني أنه لم يتحول في حقيقة الأمر إلى الأيدي -التركيز على الأفعال وردود الفعل-
والقضبان الحديدية الصدئة للنوافذ ،أي أن الإطار
دجاجة؟ وإذا كان قد اختطفه فكيف تم ذلك؟
الذي اختاره المُخرج كان هو الأفضل لعالمه ،كما
رغم أننا لا بد لنا من إطلاق مثل هذا التساؤل لا يفوتنا أن الإضاءة والألوان القاتمة والشاحبة
والبحث خلفه ،إلا أنه من المُمكن لنا تقبل العالم التي سيطرت على الفيلم كانت تلعب دو ًرا ُمه ًّما في
نقل العالم الفيلمي وتقريبه لل ُمشاهد ،وهي الألوان
الفيلمي كما هو ،ليس من أجل الرغبة في قبول التي لم نر سواها على طول الفيلم ،ولم تختلف إلا
أي شيء غير منطقي يقدمه لنا المُخرج ،ولكن لأن في الثلاثة مشاهد التي تم تصويرها في قصر المرأة
منطق الفيلم المُغلق الغارق في الأنماط الفيلمية الثرية التي عملت الزوجة لديها كخادمة ،حيث
المُختلفة -سيريالية ،وواقعية ،وعبيثة -للتعبير اختلفت الإضاءة والألوان واختفى الغبار ،لكن رغم
عن التحولات في صورها المُختلفة قد تجعلنا نتقبل الإضاءة الجيدة في هذه المشاهد س ُنلاحظ أنها كانت
غرائبية الحدث ،وربما تجعلنا نظل على تساؤلنا إضاءة شاحبة باردة كالثلج في إحالة إلى أن عالم
هؤلاء الأثرياء قد يكون في حالة من حالات الموات
أي ًضا ،إلا أنه لا يفوتنا الأداء الطبيعي والجيد على عكس ما يبدو لنا من الخارج ،أو ظاهريا -لكنه
لل ُممثلين لا سيما دميانة نصار التي أدت دورها
كما هو مرسوم لها تما ًما -وهو ما يتناسب مع الموات بالنسبة للفقراء.
ثمة ُملاحظة أخرى لا يمكن تجاهلها على شريط
العالم الفيلمي والشخصية -والزوج /سامي الصوت ،والمُوسيقى التصويرية للفيلم؛ حيث لجأ
بسيوني الذي كان أداؤه تلقائيًّا حتى أنهما كانا المُخرج على طول فيلمه إلى الاستعانة بأغنيات
يستحقان جائزة التمثيل على أدائهما ،لكن مما يؤخذ
على المُخرج أنه لم ينجح في إدارة المُمثل بشكل جيد
وكاف ،وهو ما جعل بعض المُمثلين في الفيلم إما
شاعرين بوجود الكاميرا ،وإما غير قادرين على
نطق ال ُجمل النادرة بشكل جيد!