Page 44 - Jj
P. 44

‫العـدد ‪35‬‬   ‫‪42‬‬

                                                     ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

‫إلهام عبد العال‬

‫ريش‪ ..‬على مفيش!‬

‫شخصيات حقيقية تسجل‬

‫مشاهد ملفقة لتبدو حقيقية!‬

‫من يعش خارج مصر وحده يعلم كيف تؤثر السينما والمسلسلات في‬
‫ترسيخ صورة ذهنية لدى غير المصريين عن مصر‪ .‬للأسف السينما‬
‫والتليفزيون فع ًل لهما تأثيرهما في رسم الصورة لدى المشاهد‬
‫الأجنبي‪ .‬ولو لم يكن الفن مؤث ًرا لما حرصت الولايات المتحدة على‬
‫تصوير الحرب على العراق تليفزيون ًّيا بشكل مبهر يرسخ في الأذهان‬
‫فكرة القوة الخارقة‪ .‬ولما حرصت على إنفاق عشرات‪ ،‬بل ومئات‬
‫الملايين من الدولارات‪ ،‬لإنتاج أفلام سينمائية تحكي قصص بطولات‬
‫للجيش الأمريكي ومؤسسات الدولة الأمريكية‪.‬‬

‫ليضيف إلى قذارة الحوائط والأثاث بؤ ًسا فوق بؤس‪.‬‬       ‫رغم كل ما أثاره من ضجة يظل «ريش» هو فع ًل‬
     ‫يخرج الزوج من خزانته السوداء التي لا يتعدى‬
                                                          ‫«ريش على مفيش» كما يقول المثل‪ ،‬فالعمل الفني‬
   ‫حجمها كف يد واحدة جنيهات قليلة يضعها في يد‬          ‫مكتوب أو مقروء أو مصور له معايير نستطيع من‬
‫زوجته البائسة‪ ،‬مع تعليماته الواضحة بنوعية الطعام‬      ‫خلالها أن نقول إنه عمل جيد أو غير جيد‪ ،‬وفي حالة‬
 ‫وبشكل حازم مشوب بابتسامة اللامبالاة‪« :‬النهاردة‬
                                                          ‫هذا العمل لا سيناريو ولا حوار ولا تصوير ولا‬
   ‫وبكرة بتنجان» رم ًزا للفقر الشديد‪ .‬تأخذ الزوجة‬      ‫تمثيل! مشاهد متتالية البطل فيها جمي ًعا هو “القبح‬
   ‫الجنيهات القليلة وتصمت‪ ،‬بلا أي رد فعل أو كلمة‬       ‫والقذارة”‪ ،‬قذارة المكان والأشياء وقبح السلوكيات‬
 ‫اعتراض‪ ..‬فقط نظرات قهر وبؤس‪ .‬وفي اليوم التالي‬
 ‫يشتري الأب نافورة ويضعها في ركن البيت ويقول‬                                               ‫والأخلاق‪.‬‬
                                                        ‫ففي بداية الفيلم يظهر الزوج المتسلط داخل البيت‬
                      ‫لزوجته إنها «حلوة وشيك»!‬           ‫الذي يتسم بالفقر والقذارة الشديدة‪ ،‬وكأن الفقر‬
              ‫نافورة في وسط فقر وقذارة شديدة‪..‬‬       ‫يعني قذارة الحوائط والأثاث‪ ..‬وتظهر الزوجة البائسة‬
     ‫ولأننا عندما درسنا النقد تعلمنا أن العمل الفني‬     ‫المستسلمة التي لا تنطق بكلمة واحدة‪ .‬هو قد أغلق‬
 ‫مكتو ٌب أو مصور لا يخلو من معا ٍن وإسقاطات على‬      ‫على جنيهاته القليلة داخل علبة معدنية صغيرة سوداء‬
‫واقع؛ حتى وإن كان يتناول فكرة خيالية‪ ،‬فإن بعضنا‬         ‫لها مفتاح‪ .‬وهذه العلبة الحديدية الصغيرة وضعها‬
  ‫قد يرى في هذا المشهد إسقا ًطا سياسيًّا‪ ،‬خاص ًة مع‬      ‫داخل دولاب حديدى أسود عليه بقع لبقايا دهان‬
  ‫التعرف على خلفية مخرج العمل‪ .‬فيبدو الأمر وكأن‬         ‫أبيض قديم‪ .‬في داخل حجرة زجاج نافذتها مهشم‬
   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49