Page 247 - merit 36- dec 2021
P. 247

‫‪245‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

 ‫لنفسه‪ ،‬في يوم من الأيام‪،‬‬      ‫ومن العار أن يبقى الرجل‬       ‫يكن علم من سواي‪ ،‬لأنني‬
    ‫أو التفت إلى مصالحه‪،‬‬        ‫ساكتًا وصديقه الذي في‬        ‫أكره الفتن‪ ،‬ولأنني اعتدت‬
       ‫بالمعنى الذي يجعل‬        ‫الغياب يتعرض للإهانة؛‬
      ‫متسرعون مرتابون‬           ‫لأنه هو يتعرض للإهانة‬          ‫أن أخبر الغالين بما فيه‬
                                 ‫وقتها‪ ،‬ومن العار أي ًضا‬    ‫سكينة أرواحهم وسرورها‬
 ‫يتهمونه بالأنانية‪ ،‬فالخطأ‬        ‫أن ينقل الكلام فيحدث‬
    ‫خطأ أفهامهم لا همته؛‬                                      ‫لا إزعاجها وحزنها‪ ،‬لكنه‬
                              ‫حر ًبا قد لا تنطفئ نيرانها‪،‬‬       ‫يعلم أنه عرضة للكلام‬
 ‫فحين عمل لنفسه حصن‬             ‫اللهم إلا في تناول بالقلم‬
‫وجودهم المضطرب‪ ،‬وحين‬            ‫كمثل هذا التناول‪ ،‬بقصد‬       ‫البذيء الفاحش‪ ،‬والافتراء‬
                                ‫إتمام الإحاطة بموضوع‬       ‫الفادح‪ ،‬لأنه في خانة نشيطة‬
   ‫التفت إلى مصالحه دعم‬            ‫الشخصية الأساسية‬         ‫لا خاملة‪ ،‬والذين في النشاط‬
  ‫مكانتهم المتردية؛ لأنه لم‬     ‫المعروضة‪ ،‬ونوال الفائدة‬     ‫يدفعون ثمن كونهم غادروا‬
  ‫يكن على الحقيقة‪ ،‬في أية‬
                              ‫من وراء قضيتها‪ ،‬والشرط‬                  ‫الكهوف وأهلها!‬
    ‫فترة زمنية من فتراته‬           ‫عدم تعيين المخطئ في‬         ‫تنقية المقولات من الكدر‬
    ‫الطويلة‪ ،‬يسير وحده‪،‬‬                                      ‫والشوائب‪ ،‬أو ًل بأول‪ ،‬مما‬
     ‫ولكن كان يسير وفي‬        ‫الحكاية‪ ،‬بالاسم أو النعت‪،‬‬     ‫يليق بنفوسنا النقية جمي ًعا‪،‬‬
 ‫يديه الذين أحبهم من كل‬      ‫لكيلا تتجدد الواقعة برمتها‬     ‫يليق بإنسانيتنا (على المعنى‬
    ‫قلبه‪ ،‬ومن حوله الذين‬                                        ‫السوي لكلمة الإنسانية‬
     ‫صادفهم في المسارات‬         ‫ويستعيد الموقف حرارته‬      ‫المخترقة المنتهكة) وأما تركها‬
   ‫المتباينة‪ ،‬وكمثل الرجال‬    ‫الأولى‪ ،‬هكذا بالضبط يجب‬         ‫بكدرها وشوائبها فيجافي‬
                             ‫أن تكون قاعدة تكرار الكلام‬       ‫هذه الإنسانية ويناقضها‪،‬‬
      ‫الذين لا يغفلون عن‬
   ‫الأصول‪ ،‬لو سمع خب ًرا‬        ‫المسيء لو شئنا تكراره‪.‬‬
   ‫مؤس ًفا يخص زمي ًل له‬       ‫أخي ًرا‪ ،‬فإن نجدة أوساطنا‬
 ‫فإنه كان يسأل بانشغال‪،‬‬
‫ولو أحس بخفوت حضور‬                ‫ممن يشوهون وجهها‪،‬‬
   ‫عزيز بجواره فإنه كان‬         ‫وإن لها في نفوس البشر‬
   ‫يتوخى الاطمئنان‪ ،‬كان‬
  ‫ولا يزال‪ ،‬فخطاه استمر‬             ‫إعزا ًزا ضخ ًما‪ ،‬نجدة‬
‫وقعها الصاخب جدي ًدا على‬       ‫حتمية‪ ،‬وإذا تقاعسنا عنها‬
‫الطرق‪ ،‬ولم يشبع إبراهيم‬        ‫فقدت الثقافة بريقها وفقد‬
                                ‫الأدب فخامته وفقد الفن‬
    ‫على كثرة ما ذاق‪ ،‬ولم‬      ‫والإعلام تأثيرهما؛ إذ ظهر‬
  ‫يرتو على كثرة ما شرب‪،‬‬       ‫أن المجتمع الذي يضم هذه‬
                                ‫الدرر كأنه مجتمع الغابة‬
    ‫ولو سئم‪ ،‬وهذا وارد‪،‬‬        ‫الذي لا يرحم‪ ،‬ولا سبيل‪،‬‬
   ‫فإنه اعتاد أن يقوم من‬
‫مقامه ليفرغ نفسه لحظات‬           ‫في عالم يمقت الشر وإن‬
  ‫للانسجام مع نجليه ليلى‬      ‫عجز عن ردعه‪ ،‬إلى احترام‬
 ‫وحسن لنوال أندى المدد‪،‬‬        ‫الغابة بثعابينها وضباعها‬
‫ثم يعينه مدده البنوي على‬
‫مواصلة السير بلا ملل ولا‬         ‫وفهودها الصيادة‪ ،‬وقد‬
                                  ‫كان المفروض أن تخلو‬
     ‫ضجر‪ .‬السلام عليه!‬         ‫هذه الساحات الوديعة من‬
                                ‫الظلال الشرسة للغابات‪.‬‬
                                ‫لو صح أن إبراهيم عمل‬
   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251   252