Page 40 - merit 36- dec 2021
P. 40

‫العـدد ‪36‬‬   ‫‪38‬‬

                                                     ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬

‫دينا نبيل‬

‫"ثورة الفانيليا"‪..‬‬
‫أدب الرسائل والعالم الموازي‬

‫كتاب «ثورة الفانيليا» للكاتبة هبة الله أحمد هو كتاب رسائل أدبية‪،‬‬
‫ينحو إلى التجريب في كل تفاصيله‪ ،‬إلى جانب المزاوجة بين أصالة‬
‫القالب الرسائلي وما بعد حداثية التقنيات الخطابية‪ .‬وقد و ّظفت‬
‫الكاتبة المطبخ بكل تفاصيله كفضاء مكاني‪ ،‬ومكوناته ودلالاتها‬
‫المختلفة لتجسيد إمكانية استلهام روح المقاومة‪ ،‬أو بالأحرى القدرة‬
‫على الحياة في ظل الضغوطات‪ ،‬لتعبر عن ذاتيتها وهويتها في عالم‬
‫تعصف به الوحدة والخوف‪.‬‬

 ‫الواحد والعشرين يتناول القلم والورقة ليخ ّط رسالة‬     ‫لا يمكن ذكر الرسائل الأدبية دون أن تتبادر إلى‬
     ‫إلى محبوبته ليخبرها بما يختلج في صدره؟ لقد‬
                                                        ‫الذهن رسائل مي زيادة وجبران خليل جبران أو‬
‫تلاشت هذه الصورة بالكامل‪ ،‬ففي عصر التكنولوجيا‬          ‫رسائل غسان كنفاني وغادة السمان‪ ،‬ولا يستطيع‬
      ‫والمحادثات والمؤتمرات الإلكترونية لا تبدو تلك‬  ‫قارئ لرسالة أدبية أن ينفي أثر تلك الرسائل الجمالي‬
                                                      ‫رغم قيمتها في حفظ التواصل بين البشر في تجسيد‬
   ‫الصورة واقعية بأي حال من الأحوال‪ ،‬بعد ظهور‬
    ‫الأجهزة المحمولة كوسيط للحوار‪ ،‬حتى أن فكرة‬             ‫توهج المشاعر وثيمات الوجد والشوق؛ فلطالما‬
     ‫الشوق والغياب لم تعد ملموسة كما في الماضي‪،‬‬                   ‫ارتبطت الرسائل بالغياب واستحضار‬
‫ولاسيما في ظل التراسل عبر‬
 ‫شاشات الحواسب المضيئة‪.‬‬                                      ‫الأحباء عبر جزالة اللغة ومشاهد استعارية‬
  ‫لذا لم يكن غريبًا أن ينزوي‬                                   ‫تأخذ بالعقل والروح م ًعا‪ .‬ولكن أين نحن‬
‫ذلك الجنس الأدبي‪ ،‬بل يسلك‬
 ‫مسالك أخرى ليبقى على قيد‬                                    ‫من أدب الرسائل الآن؟ رغم كونه أحد أقدم‬
    ‫الحياة‪ ،‬مثل دخوله داخل‬                                     ‫الأجناس الأدبية التي نتلمس وجودها في‬
 ‫عباءة الشعر أو السرد؛ فلقد‬                                     ‫تراث رسائل ابن عربي وابن المقفع‪ ،‬وفي‬
    ‫أفادت الرواية من طبيعة‬                                       ‫عصر النهضة الأوروبية‪ ،‬فإنه يكاد أن‬
   ‫الرسائل الحوارية وقوتها‬                                               ‫يندثر أو يلفظ أنفاسه الأخيرة‬
  ‫الخطابية‪ ،‬فظهرت «الرواية‬                                                 ‫بعد أن تسيد المشهد ك ٌل من‬
    ‫الرسائلية» في أوروبا في‬                                                  ‫الرواية والقصة القصيرة‬
‫القرن السابع عشر‪ ،‬وأشهرها‬                                                      ‫يليهما الشعر والمسرح‪.‬‬
                                                                             ‫ولكن في الواقع‪َ ،‬من يكن‬
                                                                            ‫ليتخيل أ ّن إنسا ًنا في القرن‬

                                                            ‫هبة الله أحمد‬
   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45