Page 73 - merit 36- dec 2021
P. 73

‫‪71‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

                                                       ‫رفقي بدوي‬

                   ‫ثلاث قصص قصيرة‬

    ‫والنظرة تتبعها اليد التي توزع الضوء والليل‪،‬‬                    ‫‪“ -1‬ذات ليلة”‬
                         ‫وچويا المبصر والرائي‬
                                 ‫والرسام عين‪،‬‬                                                 ‫ذات ليلة‪،‬‬
                                  ‫وأن المباركين‬                            ‫ات َخذت لها سري ًرا من روحي‪،‬‬

   ‫هم الذين يمرون خلال القبر إلى النور الأبدي»‪.‬‬                                       ‫فأنا المقامر العنيد‬
                                       ‫فبكيتي‪،‬‬                                             ‫منحتها إياه‪.‬‬
                                                                                             ‫(ذات ليل ٍة‬
 ‫تمدد ِت بجواري بسري ِرك تنتظرين مو ِتك بسكون‬
‫ورضا‪ ،‬تستقبلينه‪ ،‬تغوصين بعيني بفيضان‪ ،‬تهدج‬                             ‫أن َب َعثت من غرف النسيان ذكرا ِك‪،‬‬
                                                                                              ‫ذات ليل ٍة‬
                     ‫صوته قائ ًل‪ :‬قتلتني بكلمة‪.‬‬
    ‫تلك العيون آبار مصنوعة من ملايين العبرات‪،‬‬                  ‫استطع ِت أن تظلَّلي حدقتي ِك بدمع ٍة صادقة‪.‬‬
                                                         ‫نهر مدا ِمعك ُص َّب في قلبي‪ ،‬فارتوى ظمأ ُروحي)‪.‬‬
              ‫تلك العيون الغامضة سحر لا يقهر‪،‬‬
             ‫تلك العيون يبعثن النشوة في روحي‪.‬‬                                             ‫حين أنشد ُتك‬
           ‫ذات ليلة و ّس َع الأفيون ما لا حدود له‪،‬‬        ‫لن ُتقتل أب ًدا في ذاكرتي‪ ،‬تلك التي جاءتني فجأة‪،‬‬
       ‫ُيع ّمق الزمن‪ ،‬يثير الشهوة‪ ،‬بمسرات سو ٍد‪،‬‬
                                                                                      ‫وتمددت بروحي!‬
                 ‫يمل ُأ النفس بما هو فوق طاقتها‬        ‫فخصبت ذاكرتي بمن يرتوون بالدموع‪ ،‬ويرضعون‬
                         ‫فتأتي أحلامى زرافا ٍت‪.‬‬
                                                                                                 ‫الألم‪،‬‬
 ‫َفسر رضا ِبك الذى ُيغرق في النسيان روحي دون‬                                      ‫وهم يذوون كالزهور!‬
                                          ‫ندم‪،‬‬
                                                                                                     ‫‪،‬‬
                     ‫يدحرجها إلي ضفاف الموت‪.‬‬                        ‫وأكتشف في كفن الغيوم جثة عزيزة‪،‬‬
  ‫فأقيم كل ليلة ودا ًعا احتفاليًّا‪ ،‬لهن وان ِت تنظرين‬
‫أين ستكن غ ًدا يا حواءاتي لأري عواطفكن الجديدة‬                             ‫والزمن يبتلعني دقيقة‪ ،‬دقيقة‪،‬‬
                                                              ‫وعيناك الصافيتان صفاء البللور تقولان لي‪:‬‬
                                   ‫وهي تتفتح‪،‬‬
                        ‫وأُحيي أيامكن الضائعة‪،‬‬                         ‫‪ -‬ماعسي أن تكون مزيتي لديك؟‬
                    ‫فأنا أراقب ُكن من بعيد بحنان‪.‬‬                          ‫‪ -‬أنا العاشق غريب الأطوار؟‬
                                                                          ‫كوني كما ان ِت فنانة واصمتي‪،‬‬
                                      ‫ذات ليل ٍة‬
         ‫تناسخ ِت مع كل المدونات بتاريخ نسائي‬                   ‫“يا رسام النهار دع روحي المظلمة تطير‪،‬‬
 ‫تناسخ ِت مع كل نسائي حين جئ ِت لي قبل رحيلي‬                                    ‫فالأرض في حزن عميق‪،‬‬

                                 ‫فكن ِت أن ِت فقط‬                     ‫تسري فيها أنفاس الأرواح الهائمة‪،‬‬
                                      ‫ذات ليل ٍة‪.‬‬                    ‫والضباب المعتم يلف الليل بالسواد‪،‬‬

                                                                                  ‫ومثل المشعل المحترق‬
                                                                                   ‫يهوي في الليل قلبي‪،‬‬
   68   69   70   71   72   73   74   75   76   77   78