Page 84 - merit 36- dec 2021
P. 84

‫العـدد ‪36‬‬   ‫‪82‬‬

                                                        ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬

  ‫اعتاد إيصال رسائلك إلى البيت‪ ،‬بل سلمك إياها‬           ‫وقف أمام الصورة المعلقة على الحائط يدقق النظر‬
                                                             ‫في جزئياتها‪ ،‬بعدها التفت إلى مازن‪ ،‬وسأله‪:‬‬
   ‫يوم وصولها في مقهى «الجندول» التي اعتدت‬                                          ‫‪ -‬هذه الصورة لك؟‬
                                                                                  ‫قال مازن‪ :‬نعم هي لي‪.‬‬
 ‫الجلوس فيها عص ًرا‪ ،‬لإحساسه أن تلك الرسالة‬
                              ‫مهمة بالنسبة لك‪.‬‬             ‫قال‪ :‬اتركنا من موضوع أن هذا الممثل مشهور‬
                                                              ‫يعرفه القاصي والداني‪ ،‬وأن ليس فيها عيبًا‬
   ‫دعوت كاظم للجلوس مع َك‪ ،‬وبينما هو يشرب‬
                                                            ‫أخلاقيًّا‪ ،‬لكني أرى أن ترفعها من مكانها‪ ،‬لئلا‬
 ‫الشاي الذي طلبته له‪ ،‬قال بنوع من الأسف‪ :‬هل‬                                   ‫يروح جلدك لدباغ الجلود‪.‬‬

    ‫تعلم أني أوصل الرسائل للناس منذ عشرين‬                  ‫قال مازن‪ :‬لماذا أرفعها من مكانها؟ قال‪ :‬يا أيها‬
                                                             ‫الفاضل‪ ،‬لا يوجد في العراق إلا جيمس بوند‬
‫عا ًما وأنا لم أستلم يو ًما رسالة باسمي‪ ،‬ولا كتبت‬              ‫واحد‪ ،‬ساحة العراق كلها له‪ ،‬وتعليقك هذه‬
                                ‫واحدة الى أحد!‬
                                                        ‫الصورة على الحائط يعني أنه أصبح عندنا جيمس‬
   ‫في اليوم التالي قبل الظهر كن َت في مبنى «دائرة‬        ‫بوند آخر منافس له‪ ،‬إذا كان عندك جلد احتياط‪،‬‬
   ‫البريد والبرق» القريبة من مركز المدينة‪ ،‬وعند‬              ‫دع الصورة كما هي‪ ،‬وإذا لم يكن عندك‪ ،‬كن‬
                                                              ‫مؤد ًبا وارفعها‪ ،‬يا أيها الفاضل‪ ،‬من مكانها‪.‬‬
     ‫طاولة صغيرة جلس َت‪ ،‬أخرج َت قلما وورقة‬
           ‫وظر ًفا من حقيبتك‪ ،‬وفي الورقة كتب َت‪:‬‬              ‫‪ -3‬رسالة إلى موزع البريد‬

 ‫أخي كاظم‪ /‬تحية مع ّطرة برائحة الورد‪ /‬ته ّمني‬           ‫بواسطة موزع البريد «كاظم»‪ ،‬كانت خدمة البريد‬
  ‫رؤيتك كل يوم‪ /‬أنت نافذتي التي أطل منها إلى‬              ‫في مدينت َك لا تقل دقة وانضبا ًطا عنها في أي بلد‬
                                                         ‫متقدم‪ ،‬هناك عليك أن تكتب اسم الشخص واسم‬
  ‫العالم‪ /‬تحياتي لك ولعائلتك الكريمة ودم بخير‬             ‫الشارع ورقم البناية أوالمنزل ثم الرمز البريدي‬
                                                          ‫واسم المدينة ثم ضع الطابع على الظرف‪ ،‬تصل‬
                                        ‫لمحبيك‪.‬‬              ‫رسالت َك إلى من بعثتها مئة بالمئة‪ ،‬وفي اقصى‬
                 ‫ثم كتب َت اسم َك وتحته توقيع َك‪.‬‬                        ‫سرعة‪ ،‬ومن دون ذلك لا تصل‪.‬‬
   ‫طوي َت الورقة وأدخلتها الظرف وأحكم َت غلقه‪.‬‬                ‫في مدينتك تصل الرسالة إليك من دون تلك‬
  ‫كتب َت عليه‪« :‬من ال ِحلّة وإليها»‪ ،‬تحتها كتب َت‪ :‬إلى‬     ‫التفصيلات على الظرف‪ ،‬يكفي فقط‪ :‬اسم البلد‪،‬‬
                                                        ‫واسم المدينة‪ ،‬وتحتها اسم المرسل إليه‪ ،‬لماذا؟ لأن‬
                           ‫دائرة البريد والبرق‪.‬‬            ‫كاظم موزع البريد قد عرفك من عدد الرسائل‬
                                                                       ‫التي تصل إليك بين فترة وأخرى‪.‬‬
‫وتحتها‪ :‬إلى موزع البريد كاظم حسوني المحترم‪.‬‬                        ‫مرة وصلتك رسالة‪ ،‬على الظرف كتب‬
                                                              ‫وبالإنجليزية‪ :‬العراق‪ /‬بابل وبعدها اسمك‪،‬‬
    ‫وفي أسفل الظرف كتب َت‪ :‬شك ًرا لساعي البريد‬            ‫فأوصلها كاظم موزع البريد لك‪ ،‬لكن‪ ،‬ليس كما‬
                   ‫الذي يوصل له هذه الرسالة‪.‬‬

   ‫بعد أن تأكد َت أن كل شيء تم بشكل صحيح‪،‬‬
       ‫اشتري َت طاب ًعا‪ ،‬ألصقته في الزاوية اليمنى‬

  ‫العليا‪ .‬قبل أن ُتدخل الظرف في فتحة الصندوق‬
    ‫الأحمر الذي كان خارج المبنى‪ ،‬رأي َت «كاظم»‬
   ‫قاد ًما ليدخل دائرة البريد والبرق‪ ،‬سلم َت عليه‬

‫وصافحته‪ ،‬ثم دفع َت بالظرف إلى داخل الصندوق‬
                                       ‫الأحمر‪.‬‬

‫القصص الثلاث نشرت في مجموعة "شرفة زينب الجزار" التي صدرت عن "كتاب ميريت الثقافية"‪ -‬الكتاب‬
                                                        ‫الخامس‪ -‬مع العدد رقم (‪ -)35‬نوفمبر ‪2021‬‬
   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88   89