Page 92 - merit 36- dec 2021
P. 92
العـدد 36 90
ديسمبر ٢٠٢1
عمرو عاطف رمضان
َمصيُر الُاستاذ «س»
ولأنها شركة مجحف ٌة كما كن ُت أقنع نفسي ،بل لأني عندما أكت ُب ألع ُب دور الرب .يعيرني الرب -في
ضعي ٌف جبا ٌن عاج ٌز لا أقدر على......... ضجري -إنسا ًنا واح ًدا من خلقه لأكتب مصير ُه
في سطو ٍر قليلة ،ثم أعيده عندما أ َم ُّل لعبتي .لك َّن
وأبعد ُت القلم عن الورقة .يا إلهي لم أتوقع ذلك أصعب ما في اللعب ِة أنني لا أستطيع تغيير شعور
أب ًدا! قلت لنفسي لا بأس ،فلنحاول مر ًة أخرى. هذا الإنسان! ولا يوافق الرب على ذلك مهما طلب ُت
وضعته أمام باب المدير ثاني ًة ،صا ِمتًا ،متج ِّه ًما، منه واستسمحته أن يط ِّوع لي ذلك الإنسان الذي
واندف َع داخ ًل الغرفة .وضع ُت الاستقالة في يده، أعارنيه ولو لمر ٍة واحدة ،فقط لكي أحرك أحداث
قصتي كما أشاء ،وأشعر بالرضا والإنجاز .في ليل ٍة
وبدأ يتكلم: جاءني ذلك الإنسان ،قيل لي إن اسمه «س» .سحب ُت
-لقد اكتفي ُت يا سيدي ،هذه استقالتي! نف ًسا عاليًا في أمل ،ورأيت رو َح التحدي تجتاحني
اندفع صو ُت المدير قو ًّيا حانيًا ،مليئًا بالحميمية: عندما رأيت قطب َة جبينه وعبس َة شفتيه .وضعته
« -س» يا عزيزي ،لماذا تغا ِدرنا؟! نحن أهلك أمام باب مديره ،وقف يتطلّ ُع في الباب المغلق صامتًا
وأصدقاؤك ،وكم عمل َت لدينا أعوا ًما كثيرة ،ولا على تجهم ِه ،ثم اندفع سري ًعا ،أسرع ُت فوضع ُت في
نستغني عنك ،من ف ِضلك أعد التفكير في ذلك.
-أعتذر يا سيدي ،لد ّي أسبابي الخاصة للاستقالة، يد ِه ورقة استقالة .أسرع يقول:
-لقد اكتفي ُت يا سيدي .هذه استقالتي!
ولم أعد أحتمل أكثر. المدير ليس شخ ًصا ،بل كرسي ،سأظه ُر كرسي ُه
-فكر يا عزيزي ،أنت أفضل موظف لدينا. من الخلف فلا أحتاج أن أستعير من الر ِب شخ ًصا
-قراري نهائي. آخر .يرتفع صو ُت المدير:
ويسلمه الورقة صامتًا ،يتوقف صوت المدير ثاني ًة -لطالما كنت أعر ُف أنك لن تتحمل العمل ،وأنك
ثم نسمع صوت القلم ،ويقول: ستهرب أخي ًرا.
-كما تشاء ،هاك استقالتك يا بني العزيز. يسلمه الورقة صامتًا ،ثم نسمع صوت القلم على
ويمضي خا ِر ًجا مغمو ًرا بكلام التقدير والوداع
الحار من مديره .الآن ستستحيل قطبته انبساط ًة الورق ،ويرتفع صوت المدير:
با ّشة ،وسوف يمضي إلى حياته القادم ِة ح ًّرا وا ِث ًقا -هاك .مع السلامة.
بنفسه وقدراته لا يقلق ُه شيء .لكن قطبت ُه زادت
يخرج ويغلق الباب .الآن سينشر ُح صدره ويضحك
انكما ًشا ،وراح يقول و ِج ًل: أخي ًرا ،وينطلق طائ ًرا ف ِر ًحا بالحرية التي نالها ،مليئًا
-يا إلهي ماذا فعلت! ألا ترى كيف كانوا يقدرونك
بالأمل أمام ما انفتحت أمامه من الطرق .لكنني
أيها الغبي! المدير كان على استعدا ٍد لأن يلبي كل رأيته يزيد تجه ًما ،ويكل ُم نفسه في وجل:
ما تطل ُب! ولو طلبت منه ترقي ًة لأعطاها لك! وتترك
كل هذا من أجل البحث في المجهول! يا لك من عني ٍد -لطالما كان يعر ُف أنني سأهرب! إذن فأنا أهرب
فع ًل! أنا لا أترك العمل لأنني أستحق الأفضل
غب.........