Page 138 - Pp
P. 138
العـدد 35 136
نوفمبر ٢٠٢1
عن «فضائح الباطنية» من جهة فأخذ بحكم خبرته يفتش عن
وبيان «تهافت الفلاسفة» من ثغراتهم بعين فاحصة وعقل
جهة أخرى .وانطلا ًقا من ذلك حكيم ،وما كان هدفه هدم آراء
الفلاسفة في ذاتها لأن بعضها
جاء كتاب «تهافت التهافت» لابن موافق للدين ،وإنما كانت بغيته
رشد (ت595هـ) للرد على دعوى تفنيد مسلكهم العقلي ،وبيان
الغزالي التي يأخذ فيها الفلاسفة مدى تهافتهم .فهو يريد إذن أن
يبين للناس في إحدى تصوراته
كونهم لم يلتزموا في أقاويلهم أن المعرفة عند الفلاسفة العقليين
الطريقة البرهانية ،ليبين أن مصدرها العقل ،مع أن هناك
طو ًرا آخر فوق العقل لم ينتبه
الغزالي لم يلتزم هو نفسه طريق إليه الفلاسفة العقليون هو طور
البرهان في ردوده.
البصيرة.
كيفما كان الحال ،فالغزالي الذي غير أن المفكر المغربي محمد
هاجم الفلسفة يعد فيلسو ًفا كبي ًرا عابد الجابري يرى أن الغزالي
كتب «تهافت الفلاسفة» الذي
لأنه كتب في سائر موضوعات كفر فيه الفلاسفة ،وهو يرد
الفلسفة الدينية بعمق وأصالة على ابن سينا في إطار الحملة
وتجدد ،وعليه فقد أدخل كما الأيديولوجية التي كلفه نظام
الملك السلجوقي على عهد الخليفة
أشرنا التصور الأرسطوي، العباسي المستظهر بالله بشنها
ونقله عن ابن سينا ،كما جعل على الباطنية الذين كانت دولتهم
المنطق معيا ًرا شكليًّا فجرده عن قد تركزت في مصر .لذا سعى إلى
العلوم الجزئية ،كالفقه والحديث هدم الأسس الفلسفية السينوية
والتفسير وطعمه بعلم الأصول، «نسبة إلى ابن سينا» لتقويض
كيان المذهب الباطني ما دام يرتكز
من دون البحث في المسائل عليها ،ومن هنا تصديه للكشف
الفلسفية وكليات الوجود ،ومن
هنا تكمن براعته في استلهام
المنطق الأرسطي
-----
باحث في الفكر العربي
والإسلامي.