Page 145 - m
P. 145

‫حول العالم ‪1 4 3‬‬

     ‫الممارسة التي يكثر فيها‬      ‫لمجلات مصورة لم يتمكنوا‬             ‫اتجاه «الثنائية النمطية»‬
‫الاهتمام بالتحليل السيميائي‬         ‫من إدراك أو تقدير قيمة‬           ‫البصرية هي المهيمنة في‬
                                                                    ‫أنظمة صنع المعرفة‪ .‬ففي‬
    ‫البصري‪ ،‬بد ًءا من السرد‬      ‫الصور في المجلات بوصفها‬         ‫الرسوم البيانية الأولى للذرة‬
     ‫اللفظي ومرو ًرا بالسرد‬     ‫وسيلة للتعرف على البشر أو‬          ‫التي تم تصويرها كأنظمة‬
  ‫البصري والموسيقى وليس‬                                             ‫شمسية مصغرة مع نواة‬
    ‫انتها ًء بفنون الأداء‪ .‬وقد‬    ‫موضوعات العالم الحقيقي‬         ‫وجسيمات دوارة في محاولة‬
  ‫قام صناع الأفلام أنفسهم‬            ‫[ديريغوسكي (‪،)1982‬‬           ‫لمحاكاة نظرية الذرة واقعيًّا؛‬
      ‫بتجريب ما ُيطلق عليه‬          ‫دونينج (‪])1991‬؛ فهؤلاء‬        ‫بما يسمح للعلماء بتصورها‬
    ‫«النصوص السينمائية»‪،‬‬             ‫الناس يميلون إلى إدراك‬      ‫بطريقة دقيقة‪ .‬وقد أسفر هذا‬
  ‫وتناولوا الكيفية التي يمكن‬                                       ‫النمط من التفكير البصري‬
  ‫للصورة البصرية أن توجه‬          ‫هذه الصور بوصفها نو ًعا‬            ‫في تاريخ العلم عن نتائج‬
   ‫السرد في حد ذاته‪ .‬والمثال‬        ‫من اللطخات على الورق‪.‬‬         ‫ملحوظة ح ًّقا؛ لأنها سمحت‬
      ‫الكلاسيكي لهذا النمط‬                                        ‫للتجريب الواقعي أن يحدث‬
     ‫(النصوص السينمائية)‬         ‫وتفسيرهم هذا للصور ليس‬              ‫في الخيال‪ ،‬ومن ثم يمكن‬
                                    ‫بسبب نقص في الذكاء أو‬        ‫بعد ذلك إعادة توجيه النتائج‬
        ‫فيلم «كويانسقاتسي‬                                        ‫التجريبية إلى العالم الحقيقي‬
  ‫‪ )12(»Koyaanisqatsi‬الذي‬       ‫عيوب في البصر؛ على العكس‬               ‫لمعرفة ما ُينجز حقيق ًة‪.‬‬
                                  ‫من ذلك‪ ،‬كان هؤلاء الناس‬
     ‫أخرجه جودفري راجيو‬             ‫أذكياء للغاية وصحيحي‬               ‫هناك كثير من الأنواع‬
 ‫‪ Godfrey Reggio‬في العام‬                ‫النظر‪ .‬ولكن اختلفت‬             ‫المختلفة من النصوص‬
                                  ‫افتراضاتهم الأولية؛ لأنهم‬         ‫البصرية‪ ،‬وتنطوي بعض‬
     ‫‪1983‬م‪ ،‬وهذا الفيلم هو‬         ‫اكتسبوا نظا ًما مختل ًفا من‬       ‫هذه الأنواع ‪-‬مثل الكتب‬
 ‫بمثابة مقال مرئي عن حالة‬         ‫«الثنائية النمطية» البصرية‬         ‫المص َّورة‪ -‬على استخدام‬
   ‫العالم في عصر تكنولوجيا‬                                           ‫كل من العناصر اللفظية‬
‫الانتهاك والتشغيل الآلي‪ .‬ولا‬    ‫التي منعتهم من إدراك القيمة‬             ‫والبصرية‪ ،‬ويمكن أن‬
 ‫يوجد بهذا الفيلم شخصيات‬          ‫المعنوية للصور بنفس قدر‬            ‫ُيطلق على هذه النصوص‬
                                     ‫أولئك الذين اعتادوا على‬      ‫«النصوص الخليطة ‪hybrid‬‬
   ‫أو عقدة أو حوار أو حتى‬                 ‫مشاهدة المجلات‪.‬‬              ‫‪ ،»texts‬أو «النصوص‬
      ‫تعليق (راوي) سردي؛‬         ‫لعبت السيميائيات البصرية‬               ‫الهجينة ‪blended or‬‬
                                                                   ‫‪( »texts‬دانيسي‪)2016 ،‬؛‬
   ‫بل هو قطعة أدبية بصرية‬       ‫دو ًرا أساسيًّا في توفير الأطر‬        ‫ولكن يجب أن نضع في‬
     ‫تتكون من مجموعة من‬         ‫النظرية لدراسة وفهم الكيفية‬       ‫اعتبارنا دو ًما أن الممارسات‬
                                                                     ‫التمثيلية البصرية ليست‬
 ‫الصور المتناقضة الصارخة‬             ‫التي تعمل بها «الثنائية‬        ‫عالمية‪ ،‬فهي جز ٌء لا يتجزأ‬
‫والمزعجة‪ ،‬مثل‪ :‬السيارات على‬            ‫النمطية» البصرية من‬         ‫من السياقات الثقافية‪ .‬وقد‬
‫الطرق السريعة‪ ،‬والانفجارات‬      ‫الناحية النفسية والاجتماعية‪،‬‬          ‫وجد الأنثروبولوجيون‪،‬‬
                                    ‫بد ًءا من الفنون البصرية‬           ‫قدي ًما‪ ،‬أن الناس الذين‬
  ‫الذرية‪ ،‬والنفايات والقمامة‬     ‫التقليدية وانتها ًء بالإعلانات‬        ‫يعيشون في مجتمعات‬
      ‫في الشوارع الحضرية‪،‬‬        ‫وتصميم المواقع الإلكترونية‬          ‫مغلقة ولم يتعرضوا أب ًدا‬
        ‫ومشاهد الناس وهم‬            ‫[بوجدان (‪ ،)2002‬كرو‬
                                   ‫(‪ ،)2010‬ديلون (‪،)1999‬‬
‫يسيرون في فوضى‪ ،‬وكأنهم‬           ‫جابي (‪ ،)2013‬مورياريتي‬
‫بلا وجهة‪ ،‬وصور اضمحلال‬
‫المجمعات السكنية ذات الطرز‬               ‫(‪ ،)2005‬توماسلي‬
‫المعمارية الموحدة التي يجري‬          ‫(‪ ،)2009‬أوسبنسكيج‬

  ‫هدمها‪ ،‬وغيرها من مشاهد‬                 ‫(‪ ،)2001‬زانتيدس‬
    ‫الديستوبيا ‪)13(dystopia‬‬       ‫(‪ .])2014‬أما السينما فهي‬
   140   141   142   143   144   145   146   147   148   149   150