Page 95 - m
P. 95

‫‪93‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫القصة في اليمن‬

   ‫أغنية فيها وصفه وكلما شممت رائحته المتخيلة‪،‬‬         ‫زياد رجل يرسل جم ًل مختصرة‪ ،‬لا تشي بعاطفة‬
    ‫وللأمانة أكثرت من تعدد الروائح التي تليق به‬          ‫ولا حتى صداقة مؤقتة أو مستدامة ببئر أسرار‬
 ‫كالخزامى والنعناع والصنوبر والحبق بل ورائحة‬            ‫ولا حتى ُبركة‪ ،‬لكنه ذكر أصيل له من قوة النظر‬

      ‫الراتنج من قشر الليمون‪ ..‬هو برائحة القهوة‬        ‫أن رأى امرأة ينز الليل عن خديها كح ًل بالدمع قد‬
      ‫والزعتر والأرض بعد المطر‪ ..‬تعددت الروائح‬         ‫غرق‪ ،‬وحيدة لا تكسو عاطفتها الجملة التي تود أن‬
    ‫والرغبة به واحدة‪ ..‬كل الدروب التي أسمع بها‬
‫عنه أو ألمح فيها صورته تودي بي لطاحون واحد‪..‬‬             ‫تأتيها من رجل لا سواه‪ ،‬ذكر لم يثنه ُبعد نصف‬
                                                        ‫الكوكب أن يميز و يش َّم شبق امرأة تراود نفسها‬
                                       ‫جسدي‪.‬‬          ‫عن نفسها مرا ًرا‪ ،‬امرأة برائحة أنثوية تح ِّمل النسيم‬
      ‫يصبح جسدي ثقي ًل كطاحونة امتلأت بقمح‬
  ‫الإثارة‪ ..‬لا ب َّد من أن أخفف الحمل وإلا قد تتناثر‬       ‫والريح عبقها لتوصل نداء جسدها لذكر دون‬
 ‫حباته هباء‪ ،‬جسدي الغض بلونه القمحي يبدأ دمه‬                                                   ‫سواه‪.‬‬
 ‫كموج البحر بالاضطراب بعد حين سيصل هيجان‬
   ‫وفوران مائه‪ ،‬كأن البحر فوق موقد الغريزة بدأ‬            ‫لم يبادلني حبًّا لكنه وبعد أن ف َّك بأصالة الرجل‬
                                                          ‫المد ِرك الشيفرة الكامنة في لغة جسدي‪ ،‬قال لي‪:‬‬
                                       ‫بالغليان‪.‬‬        ‫لنكن م ًعا‪ ،‬يمر بنا الوقت ممت ًعا ولتدركي لا مكان‬
       ‫لا ب َّد من صمام أمان كيلا يثور مائي ملتهبًا‬
                                                                                          ‫للحب بيننا‪.‬‬
        ‫وحار ًقا أول من يصيب جسدي بالاحتراق‬               ‫عرف ُت لحظتها كيف تتشظى الروح‪ ،‬تتمزق مثل‬
                    ‫والانكماش ثم الذبول والبكاء‪.‬‬         ‫ورقة بيد خائب موجوع قرر أن ينعط َف‪ ،‬وكيف‬
                                                      ‫يهبط شيء بداخلك لقاع بلا قرار‪ ..‬لكن قلبي أحبَّه‪.‬‬
  ‫كان زياد صمام الأمان‪ ..‬أرسل له خاطرة مواربة‬
           ‫أو شو ًقا غام ًزا كتعليق على ستوري‪/‬ه‪:‬‬             ‫أنا التي تجاوزت الأربعين موسومة بصفات‬
                                 ‫أفكر ما أجملك!‬       ‫يرمونها عليَّ‪ ،‬لا يعجبها العجب‪ -‬امرأة جامحة‪ -‬الله‬
                             ‫وسبحان من شكلك‬
                 ‫كم كان مليئًا بالغواية حين رتبك‬                                ‫يعين اللي رح يتزوجها‪.‬‬
                    ‫ونفخ في عينيك روح «زعرنة»‬           ‫لكن زياد كشف عن الأنثى البرية الكامنة بداخلي‪،‬‬

        ‫وابتسم راضيًا‪ ..‬فخو ًرا‪ ..‬سعي ًدا بما ح َبك‪.‬‬         ‫التي غطيتها بوجه عفيف وقور مليء بالقوة‪،‬‬
 ‫لا مسافة نصف الكوكب ولا نصف النهار قادران‬             ‫فروضني‪ ..‬أسعدني ترويضه ورضيت‪ ،‬بل شعور‬
   ‫على إخماد ما يجري بيننا‪ ،‬تشتعل الكلمات بطيب‬
‫الزفرات والآهات‪ ..‬تصبح الكلمات جنيَّات يستطعن‬             ‫بالنشوة يصيبني حين كان يشد رسن الكلمات‬
                                                                               ‫فيوقف جموحي وأردد‪:‬‬
     ‫لمس جسدي‪ ،‬إدخاله غرفة إسعاف ثم إنعاشه‬
   ‫مرة تلو أخرى‪ ..‬يعلو وسطي عن الصوفا‪ ..‬تمتد‬             ‫«اعملني متل خاتم دهب بإصبعك‪ ..‬دخلك بخاف‬
‫أصابعي تحت السروال أغمض عيني وأداعب زهرة‬                                                 ‫أني ضيَّعك»‪.‬‬
‫من بتلتين ورديتي اللون ومدقة‪ ..‬تخرج تنهداته من‬
   ‫الكلمات فيهتز وسطي وننتفض م ًعا بإرسال كل‬           ‫قرأت مرة عن الأنثى الأولى التي كان يهاب الذكور‬
                                                       ‫طاقتها المترعة بالنشوة والشهوة‪ ..‬فلو مرت نسمة‬
                          ‫منا كلمة واحدة‪ ..‬آاااه‪.‬‬      ‫على جيدها أو ح َّف فخذها بأعشاب برية أو تما َس‬
     ‫زياد رجل بالخمسين‪ ،‬صادق ليس من طباعه‬
   ‫ليونة النفاق ولا زوربة الكلمات‪ ،‬جد ٌّي‪ ..‬ومرات‬        ‫زندها مع رجل وإذا مرت الشمس على أوصالها‬
‫يبدو قاسيًا‪ ،‬تلك سمات الطبيب‪ ..‬المهنة التي تتناول‬      ‫ورمى القمر شال ضوئه عليها أو عبرت ماء النهر‬
   ‫أوجاع الناس بحيادية وبشكل مصغر فلا تقاس‬            ‫بين فخذيها لاشتعلت شهوة‪ ..‬وامتدت حمى الرغبة‬
  ‫بالآلام بل بما ن َّصت عليه أعراض المرض وحدود‬        ‫في أن يلجها ذكر‪ ..‬تنتفض وتفيض بالنشوة تنسكب‬
     ‫عتبات الألم‪ ..‬يجمع الناس على ُخلقه العالي فلا‬      ‫عنها فتمتلئ الغابات من حولها وتكتسي الحقول‬

                                                              ‫عشبًا وقم ًحا ويع ُّم في الأرض خير وبركة‪.‬‬
                                                         ‫كأني وريثة الأنثى الأولى‪ ..‬أورثتني الشبق الذي‬
                                                          ‫يتأجج كلما م َّر اسمه أو قرأت له‪ ..‬كلما سمعت‬
   90   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100