Page 139 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 139

‫ما نفيده من كلام ابن عربي‬                                        ‫محمد مفتاح‬
‫هو أن معراجه روحي معنوي ذو‬

   ‫مقصد روحاني مقدس‪ ،‬اختص‬
     ‫أسا ًسا بأسرار إلهية ومعان‬

‫عرفانية‪ ،‬وهو أخيًرا مختصر رحلة‬
   ‫من العالم الكوني إلى العالم‬

‫المختص بروحانية الملائكة‪ ،‬وما‬
    ‫يؤسس اختلافه عن المعراج‬
       ‫النبوي هو مفارقته للحس‬

               ‫بالعلم ولا بالمال‪.‬‬      ‫خلفية للمعارج الصوفية هو‬       ‫كتبه‪ ،‬يتعلق الأمر بالفصل الثاني‬
‫وهذا معراج أرواح الوارثين سنن‬          ‫المعراج النبوي‪ ،‬الشيء الذي‬         ‫والثالث من الفتوحات المكية‪،‬‬
 ‫النبيين والمرسلين‪[ ،‬وهو] معراج‬    ‫يفسر استعارة الصوفية لألفاظه‬
‫أرواح‪ ،‬لا أشباح‪ ،‬وإسراء أسرار‪،‬‬         ‫ومفرداته‪ ،‬إضافة إلى حبول‬       ‫وكتاب رسالة الأنوار‪ ،‬إضافة إلى‬
‫لا أسوار‪ ،‬ورؤية جنان‪ ،‬لا عيان‪،‬‬       ‫رؤاهم المنامية بمعارج حملتهم‬       ‫كتاب الإسرا إلى مقام الأسرى‬
                                   ‫إلى السموات السبع‪ ،‬ومن هؤلاء‬        ‫(أو كتاب المعراج)‪ ،‬ومن جانبنا‬
   ‫وسلوك معرفة ذوق وتحقيق‪،‬‬          ‫ابن عربي الذي يقول في مقدمة‬        ‫سنقتصر على الكتاب الأخير في‬
    ‫لا سلوك مسافة وطريق‪ ،‬إلى‬            ‫معراجه‪ /‬رحلته‪« :‬أما بعد‪،‬‬        ‫التعرف على مدارج هذا السفر‬
    ‫سماوات معنى لا مغنى»(‪.)23‬‬       ‫فإني قصدت معاشر الصوفية‪،‬‬            ‫المسار‪ Initiatique ‬الذي مهما‬
 ‫ما نفيده من كلام ابن عربي هو‬         ‫أهل المعارج العقلية والمقامات‬   ‫كانت استثناءاته‪ ،‬فإن له مراحل‬
   ‫أن معراجه روحي معنوي ذو‬              ‫الروحانية والأسرار الإلهية‬       ‫ومخاطر ذات طبيعة وتوزيع‬
  ‫مقصد روحاني مقدس‪ ،‬اختص‬            ‫والمراتب العلية القدسية‪ ،‬في هذا‬
     ‫أسا ًسا بأسرار إلهية ومعان‬     ‫الكتاب‪ ،‬المنمق الأبواب‪ ،‬المترجم‬  ‫خاضعين لنموذج‪ ،‬وفي غياب هذا‬
    ‫عرفانية‪ ،‬وهو أخي ًرا مختصر‬          ‫بكتاب‪ ،‬الإسرا إلى الأسرى‪،‬‬    ‫النموذج لن يكون لمفهوم «الزعيم‬
‫رحلة من العالم الكوني إلى العالم‬   ‫اختصار ترتيب الرحلة من العالم‬
  ‫المختص بروحانية الملائكة‪ ،‬وما‬                                                   ‫الروحي» أي معنى‪.‬‬
     ‫يؤسس اختلافه عن المعراج‬             ‫الكوني إلى الموقف الأزلي‪.‬‬     ‫إن هذا المنحى المثالي غذى كثي ًرا‬
   ‫النبوي هو مفارقته للحس(‪.)24‬‬       ‫وبينت فيه كيف ينكشف الباب‬         ‫من الاتجاهات التي تشكل جز ًءا‬
  ‫هكذا يروي ابن عربي تفاصيل‬          ‫بتجريد الأثواب لأولي البصائر‬
‫مغامرته الروحية‪ /‬رحلته المنامية‬    ‫والألباب‪ ،‬وإظهار الأمر العجاب‪،‬‬        ‫من قمم الأدب الصوفي [‪ ]..‬في‬
  ‫إلى السماوات السبع فما فوقها‬                                       ‫الإسلام يمثل معراج النبي مرج ًعا‬
‫على لسان السالك الذي هو عينه‪،‬‬           ‫بالإسراء إلى رفع الحجاب‪،‬‬
‫إذ في القسم الأول المتضمن لستة‬     ‫وأسماء بعض المقامات إلى مقام‪،‬‬         ‫أكبر‪ ،‬إنه يتقدم غالبًا كوصف‬
                                                                        ‫رمزي لحركة الترقي‪ .‬إن تيمة‬
                                     ‫«ما لا يقال» ولا يمكن ظهوره‬         ‫الترقي هذه‪ ،‬المعتبرة كصورة‬
                                                                        ‫للمطاف الذي يقود إلى الولاية‬

                                                                          ‫هي ما سنعثر عليه لدى ابن‬
                                                                                          ‫عربي»(‪.)22‬‬

                                                                         ‫لا شك أن المعيار الذي يشكل‬
   134   135   136   137   138   139   140   141   142   143   144