Page 18 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 18
العـدد 38 16
فبراير ٢٠٢2
المستشرقين -في كون أوصاف الجمل تقف في القديمة بشكل عام بأنه شعر شهواني على حد
الخلفية ،وأن اهتمام الشاعر بالصورة ليس في تعبير المترجم( ،)19لأنه من التضليل أن توصف
مجموعها المتناغم ،ففي عدد كبير من سماته المميزة مقدمة القصيدة القديمة بأنها مقدمة شهوانية،
يظهر الجمل موضو ًعا مفتتا! فالبواعث مختلفة ع َّما ارتكز إليه هذا الرأي،
وقام فاجنر بتحديد مجموعة بواعث أطلق عليها
ثم انتقل إلى القسم الثالث في تقسيمه وهو الجزء “البواعث الأطرية” :يوم الفراق ،مرور القافلة،
الختامي من القصيدة ،وذكر أن مضمونه شديد
مظهر أو طيف الخيال ،الشكوي أو البكاء عند
التباين ،ما بين الفخر والمدح والتهكم والتهديد الأطلال.
والاعتذار والتحذير والحكمة ،مكر ًرا وجهة نظره،
واستوقفتني نتيجة توصل إليها فاجنر في دراسته
أختلف معه فيها تما ًما ،وهي أن هذا التنوع لم للشعر القديم ،وهي أن الربط المنطقي في القصيدة
ينضج أو يكتمل إلا في نهاية العصر الأموي. القديمة بين النسيب والفخر كان أنجح ما يكون في
التقسيم الثلاثي الذي طرحه فاجنر قاده للحديث
تفصي ًل عن بنية الشعر العربي القديم ،لكن مقدمته تلك القصائد التي غاب عنها وصف البعير(.)20
للحديث عن البنية غير منهجية وتعكس بجلاء والسؤال هل النتيجة التي توصل فاجنر إليها جاءت
عدم وعيه وفهمه الكامل بطبيعة الشعر القديم، بعد مسح شامل للشعر القديم أم أنها نتيجة منبثقة
تأملوا معي عبارته في افتتاحية الفصل العاشر
من كتابه“ :تهتم الدراسات الحديثة حول بنية عن مجموعة من القصائد التي درسها؟
الشعر العربي بمشكلتين منفصلتين كل الانفصال البحث العلمي بطبيعته يرفض التعميم ،وفاجنر
في الأصل ،فمن ناحية يدور الأمر حول مسألة حائر بين محاولات التأطير ومحاولات التعميم في
تأليف أو بناء القصيدة ،أي هل تتوالى الموضوعات أغلب فصول دراسته ،وكون الدراسة عامة كما
والأفكار المفردة تواليًا منطقيًّا؟ وإلى أي مدى تحدث أسلف في مقدمة الكتاب وكرر ذلك أكثر من مرة
محيطات الفقرات الموضوعية والفكرية المفردة من عبر فصوله ،لا يعطيه مبر ًرا لمحاولاته المستمرة
خلال تناسباتها تأثي ًرا إجماليًّا( .)22والسؤال هنا: لاستنباط نتائج يراها حاسمة في القضايا التي
كيف نأمن لدراسة في الأدب القديم ونكيل لها ثنا ًء
متكر ًرا لا ترى رب ًطا بين الشكل والمضمون من يناقشها.
الأساس في الشعر القديم ،وتتعجب من مناقشتهما يتوقف فاجنر عند القسم الثاني الذي اقترحه من
تحت مظلة واحدة لأنها تؤمن بانفصالهما ،وهذا
ما لم يلتفت إليه المترجم نفسه ،وصاغ في مقدمة أقسام القصيدة وهو “وصف البعير /الناقة”،
ترجمته الشكل العام للفصل ،لا موقف فاجنر من ويرى أن بدايات الشعر القديم كانت تنتقل من
النسيب إلى الفخر مباشرة ،وكان وصف البعير
المسألتين! من وجهة نظره في بادئ الأمر موضو ًعا للفخر
ثم يطرح سؤا ًل :هل عرف العرب البناء المضموني ضمن موضوعات أخرى ،إلى أن تطور وأصبح
بداية أم أن الوزن والقافية هما الحكم في أعمالهم قس ًما مستق ًّل داخل القصيدة ،وارتباطه بالنسيب
الشعرية؟ وهل للنص الشعري معنًى عمي ًقا أم أن في بداية الأمر جعله في موضع متقدم من القصيدة،
النظرة السطحية تكفي للربط بين صور القصيدة؟ وانفصاله جعل ترتيبه داخل القصيدة ح ًّرا ،ثم
يعود كعادته مستدر ًكا ما اقترحه أن هذا التقسيم
ويرى أن هذه الأسئلة من أهم ما طرح على الثلاثي لم يتبعه أغلب الشعراء( ،)21ورغم استدراكه
موضوع بنية القصيدة القديمة. ينشغل ثانية في حساب النسبة المئوية التي يشغلها
تقريبًا كل غرض في القصيدة القديمة انطلاقا من
يرى فاجنر أنه في وقت مبكر كان من اللافت لنظر
من اهتموا بدراسة القصيدة القديمة أنها -في تقسيمه الثلاثى!
عبر فاجنر في موضع لاحق بالتفصيل عن موقفه
الغالب -تخلو من الارتباط الداخلي ،فموضوعاتها من الخيال والواقع في صور الشعر القديم ،وهنا
أومأ إلى القلق الذي يعتري الدارس -ويقصد