Page 184 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 184

‫العـدد ‪38‬‬         ‫‪182‬‬

                                                              ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬     ‫على الإطلاق‪ ،‬على طريق‬
                                                                              ‫حل هذه المشكلة‪ .‬ودون‬
           ‫والانتصار(‪.)19‬‬          ‫و(السكون)‪ ،‬حيث يعتقد‬                       ‫مقدمات‪ ،‬وفجأة‪ ،‬تسطع‬
        ‫نحن نعتقد أننا في‬          ‫المرء أنه عالق في خبرات‬                     ‫في ذهنه فكرة‪ ،‬وتتضح‬
  ‫استدلالاتنا لم نعد نعتمد‬          ‫الماضي‪ ،‬وعندئذ يحدث‬                    ‫أمامه الرؤية تما ًما‪ ،‬ويصبح‬
   ‫على الحدس‪ .‬سيقول لنا‬                                                         ‫حل المشكلة ماث ًل أمام‬
   ‫الفلاسفة إن هذا مجرد‬              ‫فجأة اكتشاف أسلوب‬                        ‫عينيه مباشرة‪ .‬إن طفرة‬
    ‫وهم‪ ،‬فالمنطق الخالص‬         ‫جديد لإعادة عرض المشكلة‬                         ‫الحدس مرضية للغاية‬
  ‫وحده لا يمكن أن يقودنا‬                                                       ‫وأكثر إنجا ًزا‪ ،‬ولكن هل‬
    ‫سوى إلى تحصیلات‬                 ‫والتعامل معها‪ ،‬ومن ثم‬                   ‫تختلف هذه الرؤية الثاقبة‬
‫حاصل‪ ،‬إنه لا يستطيع أن‬          ‫يؤدي هذا الأسلوب الجديد‬                    ‫أو الحدس النافذ عن عملية‬
  ‫يخلق جدي ًدا‪ ،‬وبالاعتماد‬       ‫إلى طريق مختلف للحل لم‬                        ‫التفكير التحليلي العادية‬
    ‫عليه وحده لا يمكن أن‬        ‫يكن ممكنًا‪ ،‬قبل الآن‪ ،‬التنبؤ‬                  ‫والتي نمارسها دو ًما(‪.)16‬‬
     ‫يقوم علم من العلوم‪.‬‬          ‫به‪ .‬وهناك زعم بأنه ليس‬                   ‫في التفكير التحليلي العادي‪،‬‬
        ‫الحدس ليس مبنيًّا‬         ‫بنا حاجة لمعرفة معينة أو‬
     ‫على شهادة الحواس‪،‬‬                                                          ‫غالبًا ما يلجأ المرء إلى‬
   ‫وبالضرورة‪ ،‬فالحواس‬              ‫خبرات خاصة للحصول‬                             ‫التحليل المشكلة التي‬
 ‫لا تلبث أن تصبح عاجزة‬          ‫على الحدس أو هذه «الرؤية‬                      ‫تعترضه‪ ،‬اعتما ًدا على ما‬
     ‫وبسرعة‪ .‬وعلى سبيل‬          ‫المباشرة» في الموقف المُشكل‬                   ‫لديه من معرفة وخبرة‪.‬‬
    ‫المثال فإننا لا نستطيع‬                                                   ‫ويتم حل المشكلة‪ ،‬في هذا‬
   ‫تصور مضلع ذي مائة‬                      ‫الذي يواجهنا(‪.)18‬‬                ‫السياق‪ ،‬خطوة خطوة‪ .‬وقد‬
   ‫ضلع على الرغم من أننا‬         ‫في الحقيقة‪ ،‬فإنه يجب على‬                      ‫ينجح المرء في اكتشاف‬
  ‫نستدل بواسطة الحدس‬                                                           ‫مشكلة مشابهة كان قد‬
‫على المضلعات على العموم‪،‬‬            ‫المرء أن يبتعد قلي ًل عن‬                    ‫نجح في حلها من قبل‪،‬‬
    ‫وهي تشمل المضلع ذا‬          ‫الخبرات السابقة‪ ،‬وأن يطلق‬                  ‫فيقوم بتطبيق الحل السابق‬
  ‫المائة ضلع كحالة خاصة‬         ‫العنان للعقل لينطلق بحرية‬                    ‫نفسه‪ ،‬ویری‪ ،‬بعد ذلك‪،‬‬
                                                                            ‫ما إذا كان سينجح في حل‬
                    ‫منها‪.‬‬            ‫ودون قيود تعوق هذا‬                    ‫المشكلة أم لا‪ .‬وهنا لا مكان‬
‫ظاهرة الحدس مألوفة لدى‬                          ‫الانطلاق‪.‬‬                   ‫ولا دور للحدس أو الرؤية‬

  ‫أغلب العلماء‪ ،‬ولكن ليس‬           ‫على الرغم من ذلك‪ ،‬فإن‬                                 ‫المباشرة(‪.)17‬‬
 ‫جميعهم‪ ،‬فمن بين العلماء‬            ‫الدراسات التجريبية قد‬                   ‫يعتقد بعض علماء النفس‪،‬‬
 ‫الذين أجابوا عن استخبار‬             ‫أوضحت أن «الحدس»‬                        ‫أن مفهوم الحدس‪ ،‬يؤدي‬
                                 ‫هو‪ ،‬بالفعل‪ ،‬نتيجة للتفكير‬
    ‫«بلات» و»بيكر»‪ ،‬ذكر‬          ‫التحليلي العادي‪ .‬فإن إعادة‬                      ‫دو ًرا معينًا في عملية‬
 ‫ثلاثة وثلاثون في المائة أن‬      ‫تنظيم المشكلة قد ينتج عن‬                   ‫التفكير الإبداعي والخلاق‪،‬‬
‫الحدس «كثي ًرا» ما يفيدهم‪،‬‬         ‫محاولات غير ناجحة في‬                     ‫وأن هذه العملية الحدسية‬
                                 ‫حل المشكلة‪ ،‬مما يؤدي بنا‬
    ‫وخمسة وخمسون في‬                ‫إلى استحضار معلومات‬                       ‫تختلف تما ًما عن التفكير‬
 ‫المائة أنه يفيدهم «أحيا ًنا»‪،‬‬                                              ‫التحلیلی‪ ،‬فهم يعتقدون‬
                                      ‫جديدة في أثناء عملية‬
    ‫بينما ذكر سبعة عشر‬          ‫التفكير التي يمارسها المرء‪.‬‬                     ‫أن الحدس يعد نتيجة‬
  ‫في المائة أنه «لا يفيدهم»‪.‬‬                                                  ‫لإعادة بناء المشكلة‪ ،‬بعد‬
                                   ‫وهذه المعلومات الجديدة‬
      ‫ومن المعروف أيضا‬              ‫يمكن أن تسهم في بناء‬                         ‫فترة من عدم التقدم‬
  ‫‪-‬وف ًقا لبعض التحقيقات‬           ‫منظور مختلف ومغایر‬
 ‫الأخری‪ -‬أن بعض الناس‬           ‫كليًّا في إيجاد حل للمشكلة‪،‬‬
                                ‫والتي هي نتاج خبرة «الآه»‬
                                    ‫‪ ،Aha‬وهي الخبرة التي‬
                                   ‫تعكس الدهشة والانبهار‬
   179   180   181   182   183   184   185   186   187   188   189