Page 188 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 188

‫العـدد ‪38‬‬         ‫‪186‬‬

                                                         ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬    ‫عن تدخل شيء جديد في‬
                                                                          ‫النسق المستقر‪ ،‬ظواهر‬
        ‫وآخر الأمثلة التي‬          ‫«بالانو‪ -‬بوشيتس»‬
       ‫نستشهد بها لبيان‬          ‫‪،balano- Posthitis‬‬                     ‫جديدة مختلفة عن كل ما‬
                                ‫وهو مرض مزمن‪ ،‬ظن‬                                         ‫سبقها‪.‬‬
         ‫دور المصادفة في‬        ‫أنه غير قابل للشفاء إلا‬
     ‫الكشف العلمي کان‬       ‫بعملية جراحية جذرية‪ ،‬وقد‬                    ‫رأينا أن نقوم بذكر بعض‬
                            ‫أرسلت الأغنام المصابة من‬                        ‫الأمثلة التي يمكن أن‬
       ‫في عام ‪ ،1889‬وفي‬      ‫الريف إلى المعمل للفحص‪،‬‬
    ‫مدينة «شتراسبورج»‬          ‫وبلغت به الدهشة مبل ًغا‬                   ‫تجيب عن هذا التساؤل‪:‬‬
     ‫حين استأصل «فون‬        ‫عندما برئت جمعيها تلقائيًّا‬                  ‫وتبين الدور الذي تمثله‬
    ‫ميرنج» ‪von Mering‬‬        ‫بعد وصولها بأيام قلائل‪،‬‬                  ‫المصادفة في الكشف العلمي‬
                                 ‫وقد تبادر إلى ذهنه أن‬                 ‫والنظريات العلمية‪ ،‬بل وفي‬
        ‫و»منكوفسکي»‬              ‫الحالات المرضية التي‬                    ‫حياتنا اليومية‪ ،‬مما ينبئ‬
    ‫‪ Minkowski‬الطبيبان‬           ‫أرسلت لم تكن حالات‬                   ‫بأن المنطق وحده لا يكفی‪.‬‬
  ‫الألمانيان‪ ،‬بنكرياس أحد‬                                              ‫في عام ‪ 1822‬تصادف أن‬
     ‫الكلاب جراحيًّا كجزء‬          ‫نمطية‪ ،‬ولكن متابعة‬                 ‫وضع الفيزيائي الدانمارکی‬
                               ‫الفحص بينت أن الصوم‬                     ‫« أورستد» ‪- Oeristed‬في‬
       ‫من دراسة وظيفته‬        ‫الذي فرضته الأغنام على‬                    ‫نهاية إحدى محاضراته‪-‬‬
‫الهضمية‪ ،‬وفيما بعد لاحظ‬     ‫نفسها لنقلها إلى بيئة غريبة‬                  ‫سل ًكا متص ًل من طرفيه‬
                               ‫أبرأها من مرضها‪ ،‬وعلى‬                      ‫بخلية فولتية فوق إبرة‬
      ‫أحد مساعدی المعمل‬        ‫ذلك وجد أن هذا المرض‬                      ‫ممغنطة وفي وضع موا ٍز‬
    ‫أن أسرا ًبا من الشباب‬   ‫الذي خضع لكثير من ألوان‬                   ‫لها‪ ،‬وكان قد تعمد في بادئ‬
     ‫قد انجذبت نحو بول‬          ‫العلاج يمكن علاجه في‬                      ‫الأمر أن يمسك بالسلك‬
    ‫الكلب الذي أجريت له‬     ‫معظم الحالات بالصوم عن‬                       ‫في وضع رأسي بالنسبة‬
   ‫هذه العملية‪ ،‬فلفت نظر‬                                                 ‫للإبرة فلم يحدث شيء‪،‬‬
 ‫«منکوفسكی» إلى هذه‬              ‫الطعام بضعة أيام(‪.)28‬‬                 ‫ولكنه دهش إذ رأى الإبرة‬
 ‫الظاهرة فقام بتحليل هذا‬        ‫وأمثلة أخرى عديدة لو‬                    ‫تغير وضعها‪ ،‬حين أمسك‬
  ‫البول‪ ،‬ووجد أنه يحتوي‬         ‫أخذنا منها أي ًضا ‪-‬على‬                    ‫بالسلك ‪-‬مصادفة‪ -‬في‬
 ‫على السكر‪ ،‬وقد أدت هذه‬         ‫سبيل المثال‪ -‬التغيرات‬
   ‫الحادثة إلى تفهم مرض‬                                                     ‫وضع أفقي موا ٍز لها‪.‬‬
  ‫السكر وعلاجه بعد ذلك‬            ‫الفجائية الطارئة عن‬                      ‫وبديهة حاضرة عكس‬
                            ‫الكروموسومات والجينات‪،‬‬                         ‫التيار‪ ،‬فوجد أن الإبرة‬
        ‫«بالأنسولين»(‪.)30‬‬                                             ‫انحرفت في الاتجاه المضاد‪،‬‬
       ‫ينقلنا الدكتور «علي‬        ‫تلك التغيرات المسماة‬                     ‫وبهذا اكتشفت العلاقة‬
     ‫مشرفة» بعد ذلك إلى‬     ‫طفرات‪ ،‬لوحظ أنها تتضمن‬                     ‫بين الكهرباء والمغناطيسية‬
   ‫القوانين العلمية نفسها‪،‬‬                                              ‫بطريقة الصدفة المحضة‪،‬‬
      ‫فذكر أن بعض هذه‬            ‫عنص ًرا من المصادفة‪،‬‬
       ‫القوانين ناشئ عن‬            ‫وكذلك حين يخضع‬                             ‫ومهد الطريق أمام‬
 ‫المصادفة‪ ،‬والمثل على ذلك‬      ‫الحامض النووي لتعديل‬                      ‫«فرادای» لاختراع المولد‬
‫قانون «بويل» و»ماريوت»‬         ‫ما في بيئة بعينها نتيجة‬
    ‫للغازات‪ ،‬وهو القانون‬      ‫لاصطدام كمية كبيرة من‬                               ‫الكهربائي(‪.)27‬‬
 ‫القائل بأن حاصل ضرب‬           ‫الطاقة بالجزء الحساس‬                      ‫المثال الثاني لــ»بفردج»‬
     ‫الحجم ‪ X‬ضغط كمية‬         ‫من الجينة‪ ،‬فهذا معناه أن‬                  ‫حين كان يتقصی مر ًضا‬
‫محدودة من الغاز = ثابت‪،‬‬       ‫الرسالة التي كان يحملها‬                   ‫تناسليًّا في الأغنام يسمى‬
   ‫فكلما ازداد الضغط قل‬            ‫قد تعدلت أي ًضا(‪.)29‬‬
‫الحجم‪ ،‬وكلما ازداد الحجم‬
   183   184   185   186   187   188   189   190   191   192   193