Page 41 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 41
39 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
“وقفة” من ديوان “مكاشفة”“ .محاورات لظل ثم تسألني”..
يرفض أن يتركه”“ ،متى تورق شجيراتي” ،من لقد م َّهد الشاعر للانتقال من الإحالة المقامية
الخارجية ،إلى الإحالة المقامية الداخلية بد ًءا من
ديوان “سيعود من بلد بعيد”. عنوان النص“ :التدرج في لغة القول” ،والذي جاء
ويعد ديوان مكاشفة الأكثر التصا ًقا بالذات ،سواء السياق بعده ليؤكد على هذا التدرج .حيث انتقل
على مستوى الإحالة الداخلية ،أو الإحالة الخارجية الشاعر من مكونات تقع خارج الذات ،إلى ما هو
منها ،فالشوارع والعمائر ،رمزان خارجيَّان ،اكتسبا
التي تندمج بالإحالة الداخلية .أما ديوان “متى رمزيتهما من الخواء والنوم اللذين وصفهما بهما،
ينتهي” ،فهو الذي وردت فيه النصوص التي يحيل ثم قام بتوزيع بعض العبارات التي تحالفت مع
عنوان النص في التمهيد لهذا التحول ،فالعبارتان
فيها الشاعر مفردات الوجود ،بصورة أكثر من “كي أغوص بها” ،و “كي أحن إليها” ،بيَّنت موقفه
غيره من الدواوين. من العناصر المحيطة به .ثم جاءت عبارة “ثم
تسألي” ،والتي أسندها في السياق إلى طفلة وصفها
ولكن سواء فيما قدمه الشاعر من نصوص، بأنها له ،إلى ضرورة التخلي عن تلك الرمزية،
أحال فيها المقام إلى العناصر الداخلية للذات ،أو التي يصعب عليها فهمها كطفلة ،فجعل من سياق
نصوص أحال فيها الذات إلى عناصر خارجية، سؤالها نقطة مفصلية تبرر فنيًّا لهذا الانتقال،
لها بعدها الرمزي ،نجد أن الذات حاضرة في كل فيصبح طبيعيًّا أن تأتي كلمات مثل“ :صوتي”،
مقام ،بمكوناتها الحسية كالوجه ،واليد ،والصدر، “رحيلي”“ ،دمي”“ ،عشته”“ ،يسكنني”“ ،أخت ِفي”،
“ترجل ُت”“ ،أقلب” ،وكلها ألفاظ أسندها الشاعر
والعين ..إلخ ،أو بمكوناتها المعنوية كالفرح، إلى ضمائر تنتمي إلى ذاته .ليصنع اندما ًجا بينها
والحزن ،والبكاء ،والضحك ،والشوق ،والحنين.. وبين رمزية العمائر والشوراع التي جاءت في مطلع
إلخ .أو فيما قدمه من نصوص ،جاء فيها الرمز
ليلقي بظلاله على المعاني ،لكننا رغم ذلك دائ ًما ما النص.
نجد الذات الشاعر حاضرة في كل مقام ،ليس فقط ونلاحظ أن الإحالة المقامية الخارجية عند الشاعر،
لأن النص الشعري هو في النهاية تعبير عنها ،ولكن غالبًا ما تأتي في سياق ،يجعل من الأشياء المحيطة
لأن الشاعر وظف كل العناصر التي تنتمي إليها،
أو تلقي بظلالها عليها ،توظي ًفا فنيًّا ،أسهم بصورة به رمو ًزا لها اسقاطات ،تلقي بظلالها على حالته
الشعورية ،إما بجعل هذه الرموز تقوم بمفردها
كبيرة في ترابط أجزاء النص ،سواء فيما يتعلق بتوصيل معنى النص كام ًل ،أو بمراوحة المعنى
ببنيته ،أو فيما يتعلق بالحالة الشعورية التي ينقلها
بينها وبين ما هو من مكونات الذات.
إلى المتلقي ومن النصوص التي يقوم فيها الرمز وحده
بالوظيفة المعنوية داخل النص“ :زهو”“ ،وطن”
هوامش: من ديوان “مكاشفة” .ومنها قصائد“ :ملامح من
رحلة لم تنته”“ ،الهروب من الحلم”“ ،محاولة لفك
-1انظر :مادة “ َحا َل”“ ،أحال” :في باب (الحاء مع الواو اللوغارتمات” ،من ديوان “ملامح ظلي” .وأيضا
واللام) ،في معاجم اللغة. قصيدة“ :قسوة الموانئ” ،من ديوان “سيعود
من بلد بعيد” .وقصائد“ :الساحر”“ ،السيرك”،
-2لمعرفة المزيد مما جاء في تعريف الإحالة اصطلاحا، “وقفات على خشبة المسرح” ،من ديوان “متى
انظر:
ينتهي”.
-د.أحمد عفيفي“ ،الإحالة في نحو النص”( ،دار العلوم، أما تلك التي تختلط فيها الذات بما هو من خارجها،
جامعة القاهرة ،د.ت). منها“ :مغادرة”“ ،ثلاثية” ،مكاشفة”“ ،الحمائم”،
-د.داليا أحمد موسى“ ،الإحالة في شعر أدونيس”،
(دار التنوير.)2010 ،
-هناء ربيع أحمد ،الإحالة ودورها في تماسك النص
الشعري”( ،مجلة كلية الآداب ،جامعة المنصورة ،العدد
التاسع والأربعون ،أغسطس .)2011
-رسمية الدوسري“ ،الإحالة وأثرها في النص”( ،مجلة
كلية اللغة العربية ،إيتاي البارود ،مجلد ،33العدد .)6