Page 23 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 23
21 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
د.يوسف الزدكي
(المغرب)
رمزية العنف والدمار في أدب الثورات..
مجموعة «دمية» لحسن جبقجي نموذ ًجا
القصة القصيرة ج ًّدا هي أقدر الأجناس السردية على الاستماع إلى
نبض واقع الحراك الثوري بكل تفاصيله وجزئياته ،وتستطيع بالتالي
استشراف توقعات القراء والنقاد والباحثين في زمن الاتصال الإلكتروني
والانفجار المعرفي والسرعة القياسية في ترويج المعلومة ،وفي عصر
الأكلة الخفيفة والانتشار الواسع للحواسيب المحمولة والهواتف النقالة،
ويمكنها بالتالي الاستجابة لتطلعات فئة عريضة من القراء والمتتبعين
لاعتمادها على السرد الوامض والحكي المشهدي واللقطة الخاطفة
والتكثيف والاختزال.
والشعارات والحناجر في صمت لتفسح المجال أمام شكل الحراك العربي ،أو ما اصطلح على تسميته
صوت البنادق والرشاشات والمدافع والدبابات
بثورات الربيع العربي ،مادة حكائية دسمة
ولتتحول الثورة السلمية إلى مواجهة مسلحة بين للسرديات العربية ،وعلى وجه التحديد جنس القصة
النظام القائم والفصائل الدينية والعرقية والطوائف
القصيرة ج ًّدا باعتبارها شك ًل تعبير ًّيا جدي ًدا شهد
المذهبية والتيارات الأيديولوجية المتطرفة. تداو ًل واس ًعا في أوساط المبدعين في الفن القصصي
من رحم هذا الحراك الدموي العنيف ،ولدت الحديث ،وبالنسبة لجيل كيبل ،فإن الحراك الشعبي
أصوات مبدعة تفاعلت مع المد الجماهيري تفاع ًل
قو ًّيا ،وأنتجت أد ًبا ملتز ًما في محتواه ،عمي ًقا في في البلدان العربية ينقسم إلى فئتين :الأولى متعلقة
رؤيته ،وبلي ًغا في صوره الرمزية ،وغنيًّا بأدواته بمصر وتونس ،اتسم بمسار ديمقراطي هادئ
الفنية والتعبيرية ،خصو ًصا أن الإبداع يظل دائ ًما نسبيًّا ،والثانية متعلقة بسوريا واليمن ،وامتاز
وليد اللحظة ،وفي أحشائه يمتزج الخيال بالواقع، بتصاعد وتيرة العنف»(.)1
والحلم بالأسطورة ،وفي نهاية المطاف ،تتشكل مادة
سردية متجانسة تحمل خاصية الإبداع الأدبي. اتخذ إذن الحراك الشعبي العربي منحيين :من ًحى
ومن بين هذه الأصوات المغردة حبيبة زومي سلميًّا وحضار ًّيا يتسم بالانضباط والوعي
وحسن الأشرف من المغرب ،إبراهيم العامري من
الأردن وعبد الحميد سليمان من سوريا ونجلاء الجماهيري الراقي ،حيث تجد الشعارات الرنانة
عزت الطيري من مصر ،وحسن جبقجي من سوريا والأصوات الغاضبة والحناجر السخية المدوية
مرت ًعا خصبًا لها في ساحات الاحتجاج ،وحيث
المسيرات المليونية في الساحات والشوارع العامة،
ومن ًحى دمو ًّيا عني ًفا انسحبت فيه الكلمات