Page 39 - merit agust 2022
P. 39

‫لأن الخطاب الذهاني في القصص‬                                                    ‫جاك لاكان‬

  ‫قائم على انفعالات الشخصيات التي‬                                   ‫إلى أذنيه بعض الكلمات من الباحة‬
                                                              ‫المنورة‪ ،‬فتنساب دموعه‪ ..‬يطبق يديه على‬
    ‫تعاني من اضطراب البناء اللغوي‪،‬‬
                                                                 ‫فمه‪ ،‬يكتم نهنهاته حتى لا يسمعوها»‪،‬‬
     ‫كان الاستلاب الخيالي هو السمة‬                             ‫وكأن الانسحاب هنا ناتج عن العجز في‬

   ‫الغالبة‪ ،‬إذ على الإنسان أن يتطابق‬                                                 ‫استخدام الرمز‪.‬‬
                                                            ‫في قصة «في مكان ما» نجد أن الكلمة الأولى‬
       ‫مع صورة الآخر المتخيل‪ ،‬ويندمج‬                         ‫لـ(تبدد الشخصية) الذي نراه بوضوح في‬
                                                           ‫اضطراب الاغتراب عن الواقع‪ ،‬خاصة عندما‬
    ‫معها‪ ،‬ويتعين بها‪ ،‬فنجد الرغبات‬                    ‫يسيطر على الإنسان الإحساس بفقدان القدرة على‬
                                                        ‫التحكم في حياته‪ ،‬يقول بطل القصة‪« :‬هكذا كان‬
 ‫العاطفية حيث يبزغ دور المتخيل في‬                    ‫الأمر‪ ،‬عندما فشلت في التعرف على نفسى‪ ،‬بصورة‬
                                                     ‫أدق وتثير الضحك في الوقت نفسه‪ ،‬لم أجد نفسى‪،‬‬
  ‫قصة‪" :‬فردوس" مثًل اتضح في كبت‬                          ‫بعد قليل‪ ،‬وهذا القليل يعني تحدي ًدا منذ خمس‬
                                                       ‫دقائق‪ ،‬شعرت أنني ملتصق بالأرض‪ ،‬أو معجون‬
     ‫الواقع‪ ،‬الذي أبرز العلاقة الخيالية‬              ‫بها‪ ،‬وبعبارة أوضح‪ :‬مفتت ومسطح في سمك ورقة‬
                                                       ‫أو بردية قديمة ومهترئة»‪ .‬كما نلاحظ أن صورة‬
   ‫بين الأنا والموضوع الخيالي للرغبة‪.‬‬                 ‫الذات السلبية المرتبطة بـ(تبدد الشخصية) تتزايد‬
                                                      ‫خلال فترات التيبس الانفعالي‪ ،‬يقول‪« :‬لا أستطيع‬
                   ‫خاتمة‬                             ‫النوم‪ ،‬ولا حتى بقادر على البقاء مستيق ًظا»‪ ،‬لتتجلى‬
                                                            ‫خاصية انشطار الذات‪ ،‬والشعور بأن العالم‬
   ‫لأن الخطاب الذهاني في معظم قصص المجموعة‬
     ‫قائم على انفعالات الشخصيات التي تعاني من‬                                ‫الخارجي أصبح مختل ًفا‪.‬‬

 ‫اضطراب البناء اللغوي‪ ،‬كان الاستلاب الخيالي هو‬
‫السمة الغالبة‪ ،‬إذ على الإنسان أن يتطابق مع صورة‬

    ‫الآخر المتخيل‪ ،‬ويندمج معها‪ ،‬ويتعين بها‪ ،‬فنجد‬
‫الرغبات العاطفية حيث يبزغ دور المتخيل في قصة‪:‬‬

  ‫«فردوس» مث ًل اتضح في كبت الواقع‪ ،‬الذي أبرز‬
‫العلاقة الخيالية بين الأنا والموضوع الخيالي للرغبة‬
 ‫في شخصية «علي»‪ ،‬مع ملاحظة أنه إذا كانت قوى‬
 ‫الكبت هي المتأصلة في الشخصيات التي تعاني من‬
‫الفصام‪ ،‬فإن إعادة البناء هي المتأصلة في البارانويا‪،‬‬

       ‫فنرى أن الشخص يعامل الأسماء كالأشياء‪،‬‬
 ‫بالتالي يتدخل الكاتب ليحرر الأنا الحقيقي من الأنا‬

    ‫التمثيلي‪ ،‬من خلال محاولة حث المتلقي على فهم‬
  ‫معنى الكلام والبحث عن ذات البطل في قصة «في‬

                                      ‫مكان ما»‪.‬‬
           ‫أبرز الخطاب الذهاني أي ًضا الفروق بين‬
   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44