Page 36 - التنوير 6-8 2
P. 36

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                     ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫بخصوص – هي قضية تتبلور وتُعالج في إطار‬                                                                  ‫مجلــــــــــــــــة‬
‫الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالأساس‬
‫(الحق في العمل‪ ،‬والحق في أجر متساو مقابل العمل‬                ‫ويتناول المحور الثالث بالتحليل أهم التحديات‬
‫المتساوي‪ ،‬والحق في توفير الضمان الاجتماعي‪،‬‬                    ‫التي تواجه المنظومة الأممية في مجال المساواة بين‬
‫والحق في العيش الكريم والذي يشمل توافر القدر‬
‫الكافي من الغذاء والملبس والسكن‪ ،‬والحق في العلاج‪،‬‬                                       ‫الجنسين وتمكين الم أرة‪.‬‬
‫والحق في الحصول على فرص متساوية للتعليم‪ ،‬وحق‬
‫المشاركة في الحياة الثقافية)‪ ،‬وكذا الحقوق السياسية‬            ‫المحور الأول‪ :‬المساواة بين الجنسين‪ :‬حقوق‬
‫والمدنية في المقام الثاني (الديمق ارطية والتمكين‪،‬‬                                 ‫الإنسان ومجهودات المنظومة‬

                  ‫والتمثيل السياسي للم أرة)‪ ...‬إلخ‪.‬‬           ‫تُعد قضية المساواة بعموم – والمساواة بين الجنسين‬
                                                              ‫بوجه خاص – قيمة إنسانية أساسية أولتها المنظومة‬
‫واللالفت للنظر هنا هو أن المجتمع الدولي (الجمعية‬              ‫الأممية جل اهتمامها‪ ،‬ومن ثم كان الإعلان العالمي‬
‫العامة للأمم المتحدة) يكرس ويعطي عظيم اهتمامه‬                 ‫لحقوق الإنسان هو الإطار الحاكم للمساواة بين‬
‫بتفعيل الحقوق السياسية والمدنية (والذي يتضح من‬                ‫الجنسين‪ .‬وعليه أرى أن فهمنا لحاجة المجتمع‬
‫خلال العديد من المؤش ارت التي سيلي ذكرها)‪ ،‬ولا‬                ‫الانساني إلى تفعيل وترسيخ مبادئ المساواة بين‬
‫يعطي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية نفس‬              ‫الجنسين لا ينبغي أن تتم بمعزل عن تتبع الاهتمام‬
‫القدر من الاهتمام‪ ،‬وذلك رغم التأكيدات المتعددة‬
‫بأن “لا يميز الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بين‬                                ‫الدولي بقضية حقوق الإنسان(‪.)1‬‬
‫الحقوق المدنية والسياسية‪ ،‬والحقوق الاقتصادية‬
‫والاجتماعية والثقافية”‪ .‬إلا أن الخب ارت والممارسات‬            ‫لقد سعت المنظومة الأممية منذ إنشائها في عام‬
‫عبر عقوٍد عدة‪ ،‬أكدت وأوضحت أنه “جرى فرض‬                       ‫‪ 1945‬وفي خطواتها الأولى‪ ،‬وفي نفس العام‪ ،‬إلى‬
‫اعتبار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على‬            ‫إنشاء لجنة لحقوق الإنسان‪ ،‬والتي أعقبها إطلاق‬
‫أنها تطلعات أكثر منها الت ازمات قانونية على الدولة‪،‬‬           ‫الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ‪،1948/12/10‬‬
‫بعكس الحقوق المدنية والسياسية التي نالت اعتبا ارت‬             ‫الأمر الذي يعكس الرغبة الشديدة في تحقيق الاستق ارر‬
                                                              ‫والأمن الدوليين آنذاك‪ .‬ودون الدخول في تفاصيل‬
                                   ‫الأولوية”(‪.)2‬‬              ‫الإعلان‪ ،‬أشير هنا وفي عجالة إلى أن الجمعية‬
                                                              ‫العامة للأمم المتحدة أعلنت في ‪1966/12/16‬‬
‫ولذلك نجد أن المؤتم ارت الدولية لحقوق الإنسان –‬               ‫عن العهدين الدوليين‪ ،‬العهد الدولي للحقوق‬
‫وخاصة مؤتمر فيينا – الذي عقد في عام ‪،1993‬‬                     ‫السياسية والمدنية‪ ،‬والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية‬
‫وكذا البيان الختامي للقمة العالمية لعام ‪ 2005‬أكدت‬             ‫والاجتماعية والثقافية‪ ،‬المكملات للإعلان العالمي‬
‫جميعها على تكامل حقوق الإنسان‪ ،‬وعدم قابليتها‬                  ‫لحقوق الإنسان‪ ،‬وأعقب ذلك صدور بروتوكولين‬
‫للتجزئة والت ارتبية‪ ،‬وشددت على أن كافة حقوق‬                   ‫الأول للحقوق السياسية والمدنية في عام ‪،1989‬‬
‫الإنسان يجب أن تلقى معاملة عادلة‪ ،‬وعلى قدم‬                    ‫وآخر للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في‬

                                                          ‫‪36‬‬                                      ‫عام ‪.2008‬‬

                                                              ‫وهنا أود أن أشير إلى هذه الخلفية فقط لأوضح‬
                                                              ‫أن قضية المساواة بعموم – والمساواة بين الجنسين‬
   31   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41