Page 55 - مجلة ثقافة قانونية عدد المؤتمر
P. 55
التهديدات المستحدثة والمعقدة ،برز الذكاء الاصطناعي ) (AIبوصفه عنصرا محوريا وأساسيا في تعزيز قدرات الحكومات
والمؤسسات الأمنية على التصدي لها بوسائل دقيقة وف ّعالة.
يمتاز الذكاء الاصطناعي بقدرته الفائقة على تحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة تفوق الإمكانات البشرية؛ مما يسمح
بالكشف المبكر عن التهديدات المحتملة ،وتتبع الأنشطة المشبوهة ،وتحليل أنماط السلوك الإلكتروني ،كما يُستخدم في تطوير
خوارزميات متقدمة قادرة على تصنيف المحتوى المتطرف ،ومراقبة الشبكات الاجتماعية ،ومنع نشر الرسائل التحريضية التي قد
تؤدي إلى أعمال عنف .إضافةً إلى ذلك ،يُو َّظف الذكاء الاصطناعي في دعم أنظمة الأمن السيبراني القادرة على صد الهجمات
الإلكترونية وتحديد الثغرات الأمنية التي قد يستغلها الإرهابيون الرقميون.
ومع تعقيد أساليب الجماعات الإرهابية واعتمادها المتزايد على تقنيات التشفير ،والشبكة المظلمة)، (Dark Web
والروبوتات البرمجية ،أصبح من الضروري اعتماد أدوات متقدمة قائمة على الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدرة الأنظمة الأمنية على
ملاحقتهم ومجابهة هذا النوع الجديد من التهديدات .لكن ،ورغم الإمكانات الكبيرة التي يو ّفرها الذكاء الاصطناعي ،فإن استخدامه في
هذا المجال يطرح تساؤلات جوهرية تتعلق بالخصوصية ،والحريات الرقمية ،والأطر الأخلاقية التي تحكم استخدام هذه التقنيات.
التحليل الآلي للدلالات غير اللفظية في التحقيقات الجنائية
"تقنيات الذكاء الاصطناعي أنموذ ًجا"
ــــــــــــــــــ
شعبان علم الدين
تهدف هذه الدراسة البحثية إلى تسليط الضوء على مكنة تطوير قدرات تقنيات الذكاء الاصطناعي لدعم عمل المحققين
الجنائيين ،والمحامين ،ورجال الأمن ،والقضاة في مجال تحليل التواصل غير اللفظي .تسعى الدراسة إلى استثمار لغة الجسد كدليل
معنوي في التحقيقات الجنائية ،معتمدة على الإشارات غير اللفظية الصادرة عن أطراف الجريمة ،ومدى ملائمتها مع قرينة البراءة.
خطة البحث:
مطلب تمهيدي :أدبيات تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التحقيقات الجنائية.
المبحث الأول :اســتخدام تقنيــة التحلــيلات التنبؤيــة فــي التحقيقات الجنائية.
المطلب الأول :ماهية الخوارزميات التنبؤية للدلالات غير اللفظية في التحقيقات الجنائية وأهدافها.
المطلب الثاني :مزايا وركائز استخدام الخوارزميات التنبؤية في التحقيقات الجنائية.
المبحث الثاني :تطبيقات الذكاء الاصطناعي وقرينة البراءة.
المطلب الأول :تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحليل الدلالات غير اللفظية في التحقيقات الجنائية.
المطلب الثاني :قرينة البراءة واستخدام الـذكاء الاصطناعـي في التحقيقات الجنائية.
خاتمة البحث (النتائج والتوصيات)
الذكاء الاصطناعي في المنظومة القضائية
بين الكفاءة التكنولوجية ومبدأ الحياد القضائي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبير فؤاد الغوباري
يشهد العالم في العقود الأخيرة ثورة تكنولوجية غير مسبوقة ،ساهمت في تغيير ملامح العديد من القطاعات الحيوية ،وعلى
رأسها القطاع القضائي .ويُعد الذكاء الاصطناعي أحد أبرز مظاهر هذه الثورة ،لما له من قدرات هائلة في تحليل المعطيات واتخاذ
قرارات في وقت وجيز ،وهو ما جعل بعض الدول تتجه نحو إدماجه في الأنظمة القضائية بهدف تسريع الإجراءات وتحقيق النجاعة
والفعالية.
غير أن هذا التحول الرقمي ،ورغم ما يحمله من وعود ،يثير تساؤلات جوهرية تتعلق بمدى توافق الذكاء الاصطناعي مع
المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القضاء ،وعلى رأسها مبدأ الحياد .فهل يمكن الوثوق في خوارزميات يتم برمجتها من طرف الإنسان
مجلة ثقافة قانونية -عدد خاص بمؤتمر القانون والذكاء الاصطناعي | 55Page