Page 58 - merit 47
P. 58
العـدد 47 56
نوفمبر ٢٠٢2
الضوي محمد الضوي
سق َط قل ٌم من َج ْيِب ِه
يبكي ولا يشبعه بكاؤه ،ولا يدري كيف يتوقف! كان كلما أطر َق أو التف َت
لا شيء غير أنه رأى ساعتها يرى بئ ًرا
البئر ذاتها
وقد تصاعد ماؤها عميق ًة ،ومخيفة
وفاض.. في جوف حلقه ،جوف روحه
فاض حتى أغرق المدينة..
لم يكن يستطيع أن يحدد..
لكن بكاءه كان في العمق ،كالماء الغائر
وهو يدلي الدل َو ويخشى السقوط
البكاء بعيد ،متمسك بالطمي في الأعماق
وحل ُقه يكاد يختنق
لكن دلوه لا يصل
كان يعجب أن البئر في العمق ممتلئة
لكنها لا تفيض إلى أعلى
كان بكا ًء كثيفا ،مثل ُل َّجة
ممت ًّدا مثل سهول المراعي
لكنه أب ًدا لا يصعد إلى السطح
قبل أيا ٍم ،سقط قل ٌم من جيبه
ما بين الأرضية الرخامية ،وفتحة باب المترو
كاد أن يجثو على ركتبيه كي يدركه
صرخ بأعلى صوته ،قلمه الآن في الأسفل
جوار القضبان ،القطار تح َّرك..
والناس سارعوا لتهدئته
صراخه كان يزداد
حاولوا تعويضه بأقلام أخرى
أقلام كثيرة
كان يصرخ ويصرخ
يبكي وينتحب
يبكي كل ما لم يستطع بكاءه من قبل
كأن البكاء ما ٌء بار ٌد
وهو عائ ٌد من ظمأ السنوات