Page 231 - merit 38 feb 2022
P. 231

‫‪229‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

          ‫وتماثيلكم؟»(‪.)14‬‬                ‫والأزباد؟»(‪.)10‬‬        ‫داخلية ينغمس عبرها‬
‫ويمارس السارد في رواية‬         ‫وتحاول الرواية استقطاب‬           ‫الفرد في الطبيعة متأم ًل‬
                                                               ‫لها بطريقة تجريدية «أ ْن‬
  ‫(اليتيم) دور الفيلسوف‬            ‫القارئ نحو التفكر في‬
‫الدريدي الذي يريد دحض‬              ‫مسائل مجردة وبروح‬              ‫َن ِص َف دقيق ًة حركات‬
                                ‫فلسفية‪« ،‬الكاتب هائم في‬        ‫الضياء إذ يصير‪ ،‬والمرأة‬
   ‫العقل أو الانفصال عنه‪،‬‬      ‫أحزانه أين نقطة الارتكاز؟‬     ‫إذ تعجن‪ ،‬والطير إذ يطير‪،‬‬
‫غائ ًصا في بوهيمية خاصة‬                                        ‫والجندي إذ ُيطلق النار‪..‬‬
                                    ‫أين خير الأدب؟ كلنا‬
    ‫تتنكر للحقائق العلمية‪،‬‬          ‫يتيم»(‪ .)11‬والرأس هي‬         ‫نضع مقابل كل حركة‬
‫مستعر ًضا ثقافته الفلسفية‬       ‫موضع التفكر وموضوعه‬             ‫الكلمة المناسبة والذهن‬
‫محذ ًرا من طوفان سيفكك‬              ‫الذي يصدم الانسان‬         ‫فارغ‪ ..‬لكن للأسف ذهننا‬
                                ‫ويحيره‪« :‬شاغلني سؤال‬        ‫دائ ًما مليء بالأفكار وكلماتنا‬
   ‫كل شيء‪« ،‬قتلكم الشك‬           ‫حاد ما زال يجول داخل‬          ‫مشحونة بالأغراض»(‪،)9‬‬
 ‫لأنكم تعلمتم شذرات من‬              ‫رأسي‪ ،‬أيهما مرهون‬         ‫أو بحوارات خارجية فيها‬
   ‫الفيزياء والكيمياء‪ ..‬لكن‬    ‫بالآخر‪ ،‬وثيقة تملك بيت أم‬         ‫سائل ومجيب‪ ،‬كما في‬
‫أسألوا أساتذة الفلسفة عن‬        ‫وثيقة انتماء لوطن؟!»(‪.)12‬‬        ‫رواية (الع ّلمة) لسالم‬
   ‫منبع القوانين الطبيعية‪،‬‬           ‫ولفلسفة جاك دريدا‬          ‫حميش التي فيها يطلب‬
‫الحواس أم العقل‪ ،‬الطبيعة‬          ‫التفكيكية أثر في الرواية‬     ‫حمو الحيحي من معلمه‬
                               ‫العربية‪ ،‬ويتضح هذا الأثر‬       ‫العلامة ابن خلدون تعليل‬
     ‫أم الانسان‪ ،‬اسألوهم‬           ‫في النزوع نحو التمرد‬           ‫بعض المسائل‪ ،‬ومنها‬
  ‫عن نظرية كانط ونظرية‬          ‫تقوي ًضا للمعنى أو الشكل‬      ‫مسألة العمق‪ ،‬فيرد المعلم‬
 ‫الرازي إن انطلق من عقل‬         ‫أو كليهما‪ ،‬ورغبة في قلب‬       ‫«جوابي يا حمو ‪-‬وس ِّجله‬
    ‫غير العقل الحالي‪ ،‬عقل‬       ‫المسلمات رأ ًسا على عقب‪،‬‬       ‫إن شئت‪ -‬قد فكرت فيه‬
   ‫السماء السابعة‪ ،‬بل من‬       ‫وهو ما نجد بع ًضا منه في‬         ‫من قبل طوي ًل فلم أجد‬
‫عقل السماء الأولى القريبة‬        ‫رواية (عالم بلا خرائط)‬       ‫فحواه إلا في كون العمق‪..‬‬
 ‫من الباري من عقل فعال‬          ‫التي فيها يصبح الهامش‬           ‫هو الذي يجنح بي إليه‬
   ‫متعال صقيل واع بذاته‬          ‫الذي هو (الجنون) بدي ًل‬     ‫ويجذبني‪ ،‬ولولاه أو بدونه‬
 ‫فينقلب كل شيء‪ :‬الماضي‬        ‫عن المركز الذي هو (العقل)‪.‬‬      ‫ماذا يبقى غير المسطحات‬
   ‫إلى مستقبل‪ ،‬الحديد إلى‬     ‫والرواية أشبه بسيرة ذاتية‬
   ‫ذهب‪ ،‬الأسفل إلى فوق‪،‬‬            ‫يعاني صاحبها جنو ًنا‬
                               ‫يدفعه إلى البحث عن مدينة‬
     ‫الثقل إلى خفة»(‪ ،)15‬في‬      ‫من الوهم‪ ،‬فيها يستطيع‬
‫إشارة إلى أ َّن السارد يريد‬      ‫أن يخترع بش ًرا وأحدا ًثا‬
 ‫أن يكون أفلاطو ًنا جدي ًدا‪.‬‬  ‫ويعطي لهؤلاء البشر أسماء‬
                              ‫وملامح‪ ،‬ويجعلهم يتكلمون‬
    ‫وللجدل الزماني حول‬           ‫ويفكرون ويحلمون «أن‬
‫التاريخ وجدلية كتابته من‬       ‫أجعل الأحداث تعني موق ًفا‬
 ‫وجهة نظر مؤرخ و َّثق ما‬       ‫وتقدم فكرة»(‪« ،)13‬مسكينة‬
 ‫هو مركزي وأهمل ما هو‬           ‫أمتكم إن أنتم عجزتم عن‬
‫غير مركزي‪ ،‬ودور السرد‬         ‫التعبير عن هذا في صوركم‬
 ‫في الكشف عن هذا المهمل‬

    ‫وغير المركزي‪ ،‬دلالاته‬
 ‫على الرواية العربية ومنها‬
 ‫رواية (أزمنة الدم) لجهاد‬

    ‫مجيد‪ ،‬التي فيها يتأمل‬
   226   227   228   229   230   231   232   233   234   235   236