Page 233 - merit 38 feb 2022
P. 233

‫‪231‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

‫سالم حميش‬                        ‫عبد الله العروي‬              ‫يشير فيه إلى مدينة عراقية‬
                                                             ‫لم تذكر في التاريخ الرسمي‬
  ‫«التاريخ لا يدحض قلت‪:‬‬            ‫منهم ألا يتعبوا رؤوسهم‬
      ‫بل مخادع لا أعرف‬              ‫بالتفكير ووضع إجابات‬        ‫‪-‬على ما يبدو‪ -‬وهي من‬
                                   ‫عديمة المعنى لكل سؤال‪.‬‬     ‫صنع خيال بورخس «إنني‬
   ‫التاريخ وأنا أقول ‪1941‬‬
   ‫و‪ 1984‬و‪ ،1945‬ليست‬                  ‫ومن حكم الإمبراطور‬          ‫أفهم سكان مدينة أقبر‬
    ‫هذه إلا منارات تضيء‬           ‫الشهيرة «السكوت مقدس‬           ‫العراقية الذين أقاموا في‬
                                                             ‫القرن السابع الهجري دولة‬
      ‫بح ًرا بلا شاطئ ولا‬            ‫والنطق مدنس والرؤية‬      ‫مستقلة الكيان‪ ،‬لقد ح َّرموا‬
     ‫مرسى‪ .‬تيه الموج بلا‬          ‫إثم والشم محظور والفكر‬     ‫المرايا وامتنعوا عن التناسل‬
    ‫نهاية ليس فيه مسار‪..‬‬         ‫كفر والسؤال زوال والحلم‬       ‫لأن في ذلك مضاعفة لعدد‬
       ‫فأين التاريخ؟ وأين‬          ‫خيانة»(‪ ،)22‬فهذه الحكاية‬     ‫البشر يجب الاحتراز من‬
     ‫الحزن الموهوم؟»(‪،)23‬‬
   ‫وبهذا يكون للفلسفة ما‬              ‫مختلقة لكنها مفلسفة‬              ‫المرايا أي ًضا»(‪.)21‬‬
  ‫بعد التاريخية الأثر المهم‬       ‫بطريقة ترميزية مفادها أن‬       ‫بهذا الاختلاق التاريخي‬
    ‫في توجيه الرواية نحو‬                                      ‫ينتقد السارد البيروقراطية‬
 ‫وقائع وشخصيات عرفها‬                ‫السلطات بأنواعها وعلى‬    ‫وروتين التكاثر والاستهلاك‬
   ‫التاريخ الرسمي‪ ،‬لتقوم‬          ‫مر التاريخ هي التي قيدت‬    ‫من خلال شخصية الموظف‬
   ‫هي بإعادة كتابة تاريخ‬          ‫عقولنا وحالت دون شيوع‬
     ‫جديد هو متخيل لكنه‬                                           ‫الذي همه القضاء على‬
‫متفكر‪ ،‬يتأمل المسكوت عنه‬                    ‫التفلسف بيننا‪.‬‬    ‫الجرذان وتناسلها الرهيب‪،‬‬
‫تاريخيًّا متب ِّص ًرا في خفاياه‬        ‫وتس ِّفه رواية (حريق‬
  ‫في شكل (رواية التاريخ)‬             ‫الأخيلة) لادوار الخراط‬         ‫في إشارة رمزية إلى‬
     ‫وليس رواية تاريخية‬           ‫مصداقية التاريخ الرسمي‬     ‫الشعوب التي كثافة سكانها‬
                                 ‫وتدحض وثائقيته مستجلبة‬
                                    ‫آراء تتماشى مع فلسفة‬        ‫وبال على مقدراتها‪ .‬ومن‬
                                       ‫هايدن وايت للتاريخ‪،‬‬      ‫الاختلاق أي ًضا ما توظفه‬
                                                               ‫لطفية الدليمي في روايتها‬

                                                                 ‫(سيدات زحل) بحكاية‬
                                                                  ‫الإمبراطور الذي ح َّرم‬
                                                               ‫على الناس الأسئلة وطلب‬
   228   229   230   231   232   233   234   235   236   237   238